
كتب- عمر دمباي- تحول مشهد ازدحام مئات السودانيين يوميا أمام مبنى سفارة السودان في الرياض إلى ظاهرة مزعجة ومؤسفة، يعاني منها المغترب قبل غيره، وباتت تثير استياء السلطات السعودية والسفارات المجاورة في حي السفارات.
فمجرد رغبة المواطن في تجديد جواز سفره، وهو أبسط حق قنصلي، تتطلب ساعات طويلة من الانتظار رغم التزامه بحجز موعد مسبق يفترض أن يسهّل الخدمة ويمنع التكدس.
غير أن الواقع يقول عكس ذلك:
المغترب يأتي في الموعد المحدد، فيتفاجأ بصفوف ممتدة لا حصر لها، وازدحام غير مبرر، الأمر الذي يعطل أعماله ويلحق به خسائر مادية ومعنوية.
وكان من الطبيعي أن تُحدد المواعيد بالساعات، لأن السفارة تعلم أن المغترب مرتبط بمواعيد عمل صارمة لدى جهات مشغلة لا تحتمل التأخير.
وما يزيد المشهد قسوةً أن سعر الجواز السوداني في السعودية هو الأعلى عالميا، إذ يبلغ 940 ريالًا سعوديا، أي ما يعادل خمسة أضعاف سعره داخل السودان، فضلًا عن تكاليف السفر من مختلف مناطق المملكة ذهابا وإيابا، ومع هذه التكلفة الباهظة، لا يجد المواطن خدمة محترمة توازي ما يدفعه أو ما يتحمله من مشقة.
ويبقى السؤال: ما الدافع وراء هذه الفوضى اليومية؟
ولماذا لم تستفد السفارة من التطور الهائل في البنية التحتية للمملكة، أو من خدمات الإنترنت، أو من قدرات البريد السعودي التي يمكن أن تسهم في تخفيف الضغط عن مبنى السفارة؟
الأدهى أن موظفي السفارة هم الأدرى بقدراتهم التشغيلية اليومية، ومع ذلك تُحدَّد مواعيد لمئات المواطنين دون مراعاة لطاقتهم الاستيعابية، مما يجعل الأزمة مستمرة بلا حل.
إن إنهاء هذه الفوضى واجب مهني وأخلاقي، ولا يتحقق إلا بإعادة النظر في آليات الحجز وتنظيم العمل واحترام وقت وجهد المواطن السوداني المغترب الذي لا يطلب سوى خدمة تليق بكرامته وحقوقه الأساسية.
ومعالجة أزمة الازدحام أمام سفارة السودان بالرياض ليست معجزة مستحيلة، بل هي مسألة إرادة وتنظيم، ويمكن تفاديها عبر ضبط عدد المواعيد اليومية بما يتناسب مع الطاقة التشغيلية الفعلية للموظفين، وتحديد المواعيد بالدقائق والساعات بدلا من اليوم الكامل، لأن السفارة تعلم أن إيقاف السيارة (الباركن) في هذه المنطقة يحسب بالساعة، مما يعني أن من يقف ثماني ساعات لإكمال إجراءات تجديد جوازه يحتاج وحده فقط إلى 120 ريالا.
وفي نهاية المطاف، الحلول موجودة ومتاحة، لكنها تحتاج إلى قرار واضح ورغبة صادقة في التطوير والإنجاز












