
بقلم- مكاوي الملك- حرب النهاية ..”كش ملك”.. اللعبة الكبرى: صراع النفوذ بين الرياض وأبوظبي داخل البيت الأبيض.. من يظن أن الحرب في السودان تُدار من الخرطوم أو بورتسودان فقط… فهو لم يفهم بعد أين تُصنع النتائج النهائية، المعركة الحقيقية اليوم تُدار في واشنطن وتحديداً داخل البيت الأبيض بين نفوذ محمد بن سلمان ونفوذ محمد بن زايد… وبين مشروعين متناقضين تماماً
مشروع السعودية:
استقرار السودان – أمن البحر الأحمر – ضبط الإقليم – تحالفات صلبة مع الجيش السوداني
مشروع الإمارات:
تفكيك السودان – سيطرة المليشيا – اختراق البحر الأحمر – تطويق السعودية وهندسة “هلال نفوذ اماراتي” يمتد من اليمن إلى الصومال فدارفور والبحر الأحمر
ووسط هذا الاشتباك الصامت… تتجه الأنظار إلى 18 نوفمبر يوم الثلاثاء القادم :
اللقاء الأخطر بين ولي العهد السعودي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب
لماذا هذا الاجتماع مفصلي؟
لأن محمد بن سلمان قرّر لأول مرة أن يواجه مشروع الإمارات في العلن — مستندًا إلى:
- الجرائم الموثقة التي ارتكبتها المليشيا في السودان وبالاخص الفاشر
- التهديد المباشر للأمن القومي السعودي في البحر الأحمر والقرن الإفريقي
- تطويق الإمارات للسعودية عبر جنوب اليمن – سقطرى – بربرة – بوصاصو – وبوابة دارفور حتي البحر الأحمر
هذه ليست “خلافات خليجية
هذا صراع استراتيجي على خرائط النفوذ في واحد من أهم الممرات البحرية في العالم واهم الاراضي الزراعية والموارد المعدنية
ما الذي كشفه تقرير Middle East Eye؟
التقرير لم يكن عادياً… بل فضح الآتي:
- الرياض ستضغط مباشرة على ترامب لإيقاف دعم الإمارات للمليشيا
• MBS وعد البرهان بذلك في اتصال هاتفي
- السعودية تعتبر استمرار الدعم الإماراتي تهديدًا مباشرًا لها
- أبوظبي تستعد لمعركة سياسية شرسة داخل البيت الأبيض لمنع هذا التغيير
- منصات الإعلام والتأثير الإماراتية بدأت فعلاً حرب تضليل ضد الجيش السوداني وضد الصحفيين الذين يكشفون جرائم المليشيا وسرديات مضللة ومصطنعة مثل كذبة “أسلحة واموال كانت في طريقها للسودان عبر الأراضي الإماراتية ”
هذا يعني شيئًا واحدًا:
المعركة انتقلت من دارفور إلى واشنطن.
لماذا الآن بالتحديد؟
لأن “ضربة النهاية” في السودان لن تُحسم عسكريًا فقط…
بل سياسيًا — بتجفيف الدعم الخارجي الذي يبقي المليشيا حيّة
والسعودية أدركت أن الحرب لن تتوقف دون:
ضغط أمريكي مباشر على أبوظبي
ما الذي تريده السعودية من واشنطن؟
- إغلاق خطوط الإمداد الليبية–التشادية–الصومالية
- وقف التمويل الإماراتي للمليشيا
- التصنيف الإرهابي المحتمل للدعم السريع
- إعادة الملف السوداني بالكامل من “الرباعية” إلى يد الرياض
وبالمقابل
السعودية تدخل الاجتماع مسلحة بـ:
- صفقات F-35
- صفقات ذكاء صناعي
- استثمارات بمليارات في شركات ترامب وعائلته
- ضمان استقرار سوق النفط بعد ضرب المصفاة الروسية
- نفوذ شخصي هائل على ترامب وجاريد كوشنر
بالمختصر:
الرياض تدخل بالقوة التي يفهمها ترامب: المال… السلاح… النفط
وماذا عن الإمارات؟
لا تقل قوةً في أدواتها… لكنها اليوم في موقع دفاعي:
- استثمارات شخصية مع ابن ترامب (إريك – وابن ويتكوف)
- تمويلات سرية لكوشنر
- نفوذ استخباراتي في القرن الإفريقي
- شبكات نفوذ إعلامية وسياسية إسرائيلية داخل واشنطن
لكن
الجريمة في الفاشر..والتوسع في كردفان وفضائح الجرائم والإمداد عبر بوصاصو والجفرة وادري… كسرت الغطاء السياسي عن أبوظبي
هذا ما يعطي الرياض أفضلية نادرة
السيناريوهات المتوقعة بعد لقاء 18 نوفمبر
1/ سيناريو “الضغط الحاسم” (الأقرب للواقع)
- توبيخ أمريكي مباشر للإمارات
- وقف جزء من خطوط الإمداد
- بيان أمريكي سعودي مشترك حول “دعم الدولة السودانية”
- بداية عزل دولي لمليشيا دقلو
النتيجة:
انهيار الدعم الخارجي → بداية سقوط المليشيا ميدانيًا
2/ سيناريو “المقايضة الكبرى”
ترامب يساوم:
- دعم سعودي كامل في ملف النفط وأوكرانيا
- مقابل كبح جماح الإمارات في السودان فقط (دون كسر العلاقة)
النتيجة:
إبطاء الإمداد الإماراتي… وليس إيقافه
3/ سيناريو “التصعيد الإماراتي”
إذا شعرت أبوظبي بأنها ستخسر نفوذها:
- ستوسع الإمداد عبر بربرة وبوصاصو
- ستدفع مليارات جديدة لحفتر وتشاد وإفريقيا الوسطى
- ستشن حملة إعلامية ضخمة ضد التحالف السعودي-السوداني
النتيجة:
اشتداد المعركة… لكن مع خسائر فادحة للمليشيا بسبب قطع خط الجفرة ليبيا
4/ سيناريو “العقوبات”
إذا وافق ترامب على طرح السعودية:
- عقوبات أمريكية خفيفة أو متوسطة على كيانات إماراتية جديدة
- حظر طائرات للمليشيا
- تجميد حسابات مرتبطة بتهريب الذهب
النتيجة:
ضربة الساحق الماحق للمليشيا
ماذا يعني هذا للسودان؟
أن “ضربة النهاية” ليست حدثًا واحدًا… بل مرحلة سياسية–عسكرية متزامنة:
- تجفيف الإمداد الخارجي
- حرب استنزاف كبرى في كردفان
- تقدم متدرج نحو مفاصل دارفور
- انهيار معنوي لمليشيا بلا ظهر خارجي
- إعادة تشكيل الإقليم على أساس جديد:
السعودية – مصر – تركيا – قطر
مقابل
إمارات معزولة ومتراجعة
الخلاصة:
السودان انتقل من خانة “أزمة داخلية”… إلى مفصل استراتيجي يعيد تشكيل الشرق الأوسط والقرن الإفريقي والبحر الأحمر
والسؤال الذي يحسم كل شيء:
هل سيختار ترامب السعودية — التي تحفظ استقرار النفط والممرات البحرية؟
أم سيختار الإمارات بضغط اللوبي الصهيوني الملطخة ايضا يدها بدماء اهل الغزة — الامارات التي تقدم له ملايين في شركات أبنائه؟
الإجابة ستُكتب في البيت الأبيض…
لكن نتائجها ستُسمع في الفاشر وكردفان وباب المندب والبحر الأحمر
السودان ليس مجرد ملف…
إنه ساحة الصراع الكبرى بين مشروعين:
مشروع بناء دولة… ومشروع هدم دولة
والمعادلة الجديدة تقول:
من لم يفهم أن زمن المليشيا انتهى… سيفهم قريباً


