د.ابراهيم الصديق يكتب …. قصة الوطنى : العقدة والحل..
أثارت قضية رئاسة حزب المؤتمر الوطني نقاشا واسعا ، واكثر النقاشات حدة فى وسط عضويته ، وهذا تمرين ديمقراطي مهم يتذكر الناس فيه المؤسسية والنظم الضابطة للاداء والحاكمة للعلاقات دون جنوح الانتصار للذات أو التقليل من شأن الآخرين..
خلفية القضية:
بعد التغيير فى ابريل 2019م ، وغياب قيادات الصف الأول بالاعتقال والتضييق ، وفى الأيام الأولى كان الانتقال سلسا ، تولى رئاسة الحزب الدكتور عبدالرحمن الخضر رئيس القطاع السياسي وينوب عنه الأخ حامد ممتاز رئيس قطاع الإتصال ، ثم صدر توجيه بتولى الأخ حسبو محمد عبدالرحمن أمانة الحركة الاسلامية ورئاسة الحزب ، ولكنه اعتقل قبل أن يتولى الأمر، كما اعتقل قبله مولانا احمد ابراهيم الطاهر ، وصدر تكليف بتولى مولانا على كرتي الإمرة التنظيمية والحزبية ، حيث تم توحيد الهيكل ..
ولاحقا ، توافق المكتب القيادي واختار البروفيسور ابراهيم غندور رئيسا للحزب ، وسرعان ما اعتقل ، وتولى نائبه المهندس ابراهيم محمود رئاسة الحزب ، حتى انعقاد اجتماع المكتب القيادي فى 2021م وتم تكليف المهندس ابراهيم محمود برئاسة الحزب..
سؤال التكليف:
بعد خروج ، مولانا أحمد هارون من السجن ، باشر مهامه فى قيادة الحزب وشكل مجموعات العمل وعقد لقاءات والتقى فى يوليو 2023م المهندس ابراهيم محمود فى كسلا ، وكان الأمر يتجه إلى انتقال من تكليف استثنائي إلى صاحب تفويض..
وجاء الإشكال القانوني:
- هل تكليف المهندس ابراهيم محمود مرهون بعودة مولانا احمد هارون ام أن هذه مرحلة جديدة وتفويض كامل إلى حين انعقاد الشورى..؟
وهذه نقطة الخلاف ، وهى قضية قانونية بحتة ، ولا يجوز تحويلها إلى نقطة استقطاب أو تخوين أو ادانة لطرف ضد الاخر..
صحيح هناك صراعات ، وهى بالنسبة لى صراع تنافس بين ابناء الجيل الثالث وليس الجيل الأول أو الثانى ، وقد اخرجوا القضية من دائرة النقاش الداخلي إلى الفضاء العام ، ولا أرى مانعا في ذلك ، فهذا حزب تتباين فيه الآراء وتتعدد ، مع أن البعض اشتط بالغمز والهمز والاتهامات..
جهود الحل:
برزت ثلاثة تيارات للحلول: - تيار التصعيد و المضى قدما ، دون الاعتبار للآخرين.. ولديه داعمين من الطرفين..
- تيار البحث عن مخارج ونقاش الطرفين واعتماد منهج المقاربات وكاد أن ينجح ، ويبدو أن التيار الأول يؤثر فى النتائج..
- وتيار ثالث ، رأي العودة للشورى ، وعقد اجتماع مجلس الشورى ، وهذا خيار عملى ، فقد قررت الشورى من قبل ، وعليها أن تقرر الآن ، وهذا رأى لا يمكن رفضه ، سوى التعلل بالظرف وطلب التأجيل لشهر..
انعقاد:
دون الخوض فى التفاصيل الكثيرة ، فإن هيئة الشورى معنية بتحديد موعد الجلسات وموضوعاتها ، وما يتعلق بها من قضايا اجرائية ، وقد انجزت ذلك بكفاءة عالية ، وبإنضباط تنظيمي واضح فى امسية الخميس 14 نوفمبر 2024م ..
1.انعقدت الجلسة الأولى الاجرائية ، وتمت المخاطبات وفق البرنامج..
2.تم تثبيت تفويض مولانا احمد هارون رئيسا للحزب..
- تم تعليق بقية الجلسات لإتاحة الفرصة لهيئة الشورى وآخرين للوصول إلى توافق..
على هامش الحدث:
- لعب الدكتور عثمان يوسف كبر رئيس مجلس الشورى المكلف دورا اساسيا فى تقريب وجهات النظر وتخفيض حدة الخلاف وخفض وتيرته للوصول إلى توافق وما زال سعيه مبذولا..
- اصدر تيار المهندس ابراهيم محمود أكثر من بيان عن مجريات الأحداث ، بينما أمتنع تيار مولانا احمد هارون عن أى حديث أو إشارة أو بيان واكتفى بالعمل وفق الأطر التنظيمية..
- الجميع متفق على أهمية تجاوز الخلاف ، والتركيز على معركة الوطن واسناد القوات المسلحة..
تأثير الخلاف على معركة الكرامة : - لن تؤثر خلافات وجهات النظر هذه على مسار المعركة وضرورة توظيف كل الطاقات والموارد لها..وذلك استنادا إلى عدة اسباب:
أولا: معركة الكرامة اصبحت قضية كل الوطنيين من أهل السودان بلا استثناء ، وإن كان للبعض سهم اكبر لقوة تنظيمهم أو سعة انتشارهم ، فإن هذا ترجيح كفة لا أكثر..
وثانيا: لأن الذين خرجوا مدافعين عن وطنهم وبلادهم ، لديهم وعى كامل بطبيعة المرحلة وتقاطعاتها ، فلن تؤثر فيهم أى تجاذبات جانبية ، بل هى عندهم من ترف المواقف وانشغال بالأدنى دون الاهم..
وثالثا: لارتباطهم وتواصلهم وقربهم من مشهد الحدث ، من استنفر ؟ ومن ألتقى ؟ ومن .. ومن ..
ورابعا: فإن المقاومة الشعبية اتخذت بعدا مجتمعيا اكثر سعة من القوى السياسية واقرب الى القوى الاجتماعية..
كما أن كل الأطراف ابدت تاييدها ومساندتها لمعركة الكرامة وتدرك دقة المرحلة..
دلالات وابعاد اخرى: - لهذه الخلافات تأثيرات على الصورة الذهنية للحزب ، وعضويته وقياداته ، من حيث سعى البعض للتقليل من الاخرين أو كيل الاتهامات لهم ، و تصوير الأمر بأنه (كنكشة) مع أن الجميع زاهد فى مهمة مرهقة..
- والنقطة الأخيرة ، هو حضور الحزب وتاثيره فى الساحة السياسية ، ومع أن للبعض تصورات ذهبت إلى غيابه عن المشهد ، إلا أنه اثبت وجوده وفاعليته ، ولديه بنية هيكلية وتنظيمية مترابطة..
وخلاصة القول ستنجلى هذه العتمة فى أقرب فرصة بإذن الله..
الخروج من النفق إلى الفضاء:
وما أرجو أكثر أن يتسع الحوار ، ليس لتقريب مجموعتين مختلفتين فى قضية تنظيمية ، وإنما الخروج من خندق الموقف الحزبي الضيق إلى فضاء القضية الوطنية الكبيرة وادارة الحوار فى مجال أكبر..
والسعي إلى اعادة التفكير فى اتجاهين : - الحوار مع كل الإسلاميين والتواضع إلى خريطة واحدة ،
لماذا لا يشمل النقاش ، الأخ الدكتور غازي صلاح الدين وحزبه ؟
لماذا لا تتاح فرصة اكبر لجيل الوعى ممثلا فى حركة البناء والتعمير ، وقادتها م . هشام وظافر وجيكوني وبقيتهم ؟
واعتقد أن الأمر يقتضى حديثا مع حزب المؤتمر الشعبي.. هذه القضية المحورية والتفكير الأوفق.. - تسريع وتيرة نقل القيادة من الجيل الأول إلى الجيل الرابع ، وهم شباب المعركة ، لقد فوت الحزب فى التسعينيات فرصة استثمار ذلك الجيل الوثاب ، وينبغي ألا يتكرر ذات الأمر ، فمن يقدم روحه فداء الوطن أكثر ايمانا بقضيته واكثر حرصا على بلده من غيره..
تلك بعض الخفايا ، وبعضها لم نرغب فى الحديث عنه..
حفظ الله البلاد والعباد
نقول نترك الخلافات ونتجه نحو دحر التمرد
وراي الشخصي مولانا احمد هارون يظل رئيس للحزب