مقالات الرأى

ايمن كبوش يكتب … الأخطر من الجنجويد.. !

تابعنا على واتساب

قلت له: ما لم نعد النظر في نظام الحكم في السودان مستقبلا.. فستظل المظالم بيننا متناسلة.. والمطالب متزايدة يوماً بعد يوم.. هناك ما هو أخطر من الجنجويد يتوالد اليوم ويتكاثر وسط تصعيد غريب ومريب من كافة الأطراف الفاعلة في المشهد السوداني، حيث صارت (تختة) الاستهداف تستوعب حتى المقاتلين في الميدان للاسف الشديد.

اخرجت الحرب اثقالها.. وقذفت بالسوء الذي كان ومازال خافياّ فينا إلى العلن.. فوضح تماما بأن الذي يفرقنا أكثر من الذي يجمعنا.. ودونكم ذلك البكاء المرير على انفصال الجنوب على أساس أنه قطعة منا، والحقيقة غير ذلك، كان البكاء يخص ذلك الطفل الذي تم فطامه، فبات يلطم الخدود ويشق الجيوب على ذلك الثدي الذي افتقده.. هذا يعيدني إلى تلك الحكاية السنارية المبذولة، يوم أن تبارى تجار المنطقة وعلية القوم في الاحتفاء بمسؤول رفيع زار البلد من أبناء الجنوب ثم وليّ عليهم، باغت المجتمعون وهو في قمة نشوته بالاحتفاء الكذوب قائلاً: (مندكورو مستهبلين.. هسه لو قلت عايز اناسب واحد فيكم وانا من ترضون دينو تقولوا لي قوم يا ………) ومازالت المدينة تنام وتصحو على صدى ذلك الجرح المفتوح كلما جاء ذكر الجنوب الحبيب.

في آخر ايام قبل الذهاب الى الاستفتاء، اجتهدت الإنقاذ في أدراك ما يمكن إدراكه تحت شعار (الوحدة الجاذبة)، وقتها كان اخوتنا الجنوبيين قد حسموا أمرهم تماما، فقدم لنا بعض (صعاليكهم) على شاكلة (باقان اموم) اسوأ ما عندهم من تصريحات عن عاصمتنا الخرطوم واوساخها.. ولا تستبعدوا أن تسمعوا قريبا ما تستبطنه الصدور من مناوي في مواجهة الشيخ التوم هجو، والجكومي في مواجهة جبريل، وصلاح رصاص في حضرة الناظر محمد الامين ترك طالما أن الساحة يقدل فيها الفريق (مدينة) شيبة ضرار وقد مهدت كريمة الراحل خليل ابراهيم لذلك بحديث الافك والفتنة المنتنة.

الان يقدم شتات السودان.. وما تبقى فيه من سياسيين ونخب، مقدمات مشابهة لما ستؤول إليه الأمور في مقبل الايام، حيث باتت دعوات انفصال (البحر والنهر) تقدم ككبسولات على سبيل الامتياز.. مما يعني بأن هناك عضو عزيز سوف يفصل من جسد السودان الذي كان واحداً، خذوا أمثلة من خطابات الكراهية التي باتت علنا على افواه المستنيرين.. وراجعوا عمليات الاستقطاب الحاد، واعلاء رايات ان البندقية هي الخيار الأفضل للحصول على الإمتيازات والحقوق.. اسألوا آخر رئيسين حكما هذا البلد من ابناء الشمال، طوال 35 عاما من عمر الكساح ماذا قدمتما لإنسان الشمال طالما أن أبناء (قنتي) على سبيل المثال، مازالوا يتناوبون ايام الحضور الى فصول الدراسة (يوم للبنين ويوم للبنات)، وهاهو الجكومي يدرك مؤخرا لكي يصعد نجمه في إقناع الأهل والعشيرة بأن حفر الابار هو الحل المثالي لمشكلة العطش بالنسبة لمدن يجاورها النيل العظيم، ماذا قدم أبناء الشمال للشمال طوال تلك السنوات أكثر من التهميش والتغبيش والاستنكاح.. بطبيعة الحال لن نسأل البشير ولا البرهان عن ما قدماه للسودان، لأنني أعرف ان أهل منطقة عبد الرحيم محمد حسين ادخلوا الكهرباء لمناطقهم بالعون الذاتي، وكذلك فعل بكري حسن صالح مع أهله لانه يريد أن يكون من سكان (الحي الراقي) في الخرطوم ولا تعنيه العودة إلى الزمن الأليم ومراتع الطفولة والصبا.. هذه مجرد نماذج تصلح للقياس للحديث عن مآسى أبناء الشمال الحاكمين، حاكمين في كل الرئاسات، الجمهورية، الوزراء، الجيش، الأمن، الشرطة، ولكن عطاؤهم صفر حتى لأهلهم ومن ليس فيه خير لأهله لا خير فيه للعالمين.. هذا هو ذاته حال جبريل ومناوي وكل أبناء الغرب والشرق الباحثين عن السلطة بشعارات اصلاح حال مناطقهم التي لا يتذكرونها الا عند ممارسة الضغط بينما اهاليهم يمسكون بالقرون وهم يحتلبون.

للاسف الشديد، هناك نيران صديقة تشتعل من تحت أقدامنا وسوف تحرقنا جميعا، ولن يكون أمامنا غير التقسيم، وكل إقليم يأكل ناره في حكمه الذاتي بحجم موارده التي يمتلكها، ومن لا يملك شيئا ينبغي ألا يبكي على الثدي الذي اضاعه بفعل يديه.. مؤسف جدا ما يجري من صراع في قروبات الاستنارة الضاجة باعضاء النادي السياسي القدامى والجدد، وهو ذات الصراع الذي بدأ في التنامي حتى في ميدان القتال حيث استدعى كل فريق من المقاتلين مناصريه ومشجعيه، حتى حسبناها مباراة في كرة القدم، وحتى اللحظة الغلبة لفريق اسمه (كراهية الكل) نشب أظافره في لُحمة الميدان التي كانت هي آخر ما تبقى من وحدة السودان، الهدف الواحد والمصير الواحد والعدو الواحد.. ويا للأسف.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى