مقالات الرأى

مابعد بيان الرئاسة المصرية .. هل أدركت القاهرة الآن أن الخرطوم تتعرض لإعتداء من سبعة دول؟

كتب يوسف عبدالمنان

1️⃣

البيان الصادر من الرئاسة المصرية مساء الخميس، بعد زيارة قصيرة للفريق البرهان للقاهرة، ولقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، أثار البيان جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية، وأدخل الرعب في قلوب أطراف عديدة، متورطة في الحرب بالسودان، وكادت أن تُسقط البلاد تحت قبضة الدعم السريع، الذي أصبح يمثل مصالح دول في الإقليم، أكثر من تعبيره عن إرادة جماعة لها مطالب اي كان منطقها، ولايزال التهديد الذي يمثله الدعم السريع شاخصاً ماثلاً، ومدن كادقلي عاصمة إقليم جبال النوبه والدلنج ثاني أكبر المدن في الإقليم باتت أقرب للسقوط، منها للصمود، في وجه الحصار، والقيادة غارقة في أحلام ووعود بالبقاء في السلطة، حال إقبالها على تسوية يتم التلويح بها في وجه القيادة، بينما على الأرض تزحف جيوش بلا عدد نحو الخرطوم، بعضها من الغرب، وأخرى من الجنوب، وثالثة من عمق إثيوبيا، لابتلاع السودان.!! ولكن القيادة المصرية التي وقفت مع السودان، في المأساة الانسانيه، وتحملت على عاتقها نحو 2 مليون لاجئ، بسبب الحرب، اقتسموا مع اخوتهم في الشمال الخبز الحاف، والغاز والكهرباء والدواء، بلا منٍ أو أذى، والآن بات متوقعاً في ظل الأوضاع الحالية، المزيد من اللجوء إلى مصر بإعداد أكبر من عشرين مليون آخرين، هذا إذا تركت القاهرة السودان يتدحرج إلى أسفل، ومليشيا الدعم السريع تتقدم نحو الخرطوم، والأبيض، وتحشد آلاف المرتزقة من إثيوبيا عبر النيل الأزرق، للإطباق على السودان، والقضاء على شعبه، *وأكثر ما أثار حفيظة مصر، محاولات مليشيا الدعم السريع تدمير مقدرات الشعب السوداني، لا سيما بعد ماحدث في هجليج وانسحاب القوات المسلحة من الحقل، ودخول مليشيا الدعم السريع للحقل، وتسليمه لدولة جنوب السودان التي منحتها المليشيا من قبل أراضي مقاطعة ابيى الغنية بالنفط، ذلك بعد تنازل قيادات قبيلة المسيرية عن ابيي الغنية بالمعادن، مقابل فتح الجنوب أرضه وتمرير الأسلحة لمليشيا الدعم السريع،والان فقدت الخرطوم كل حقول بترولها في غرب كردفان، وأخذت المليشيا على عاتقها ضرب مؤسسات الشعب السوداني الاقتصادية والخدمية مثلما حدث في عطبرة ليلة الأربعاء وصباح الخميس، وتدمير المليشيا لمحطة هامة في عطبرة عبر الطيران المسير الذي تدفق على المليشيا من جديد، تحت ستار توصيل الإغاثة والمساعدات الإنسانية، إلى المتضررين في نيالا الفاشر وشمال كردفان ولأول مرة ترتكب مجموعة الاتحاد الأوروبي خرقا لميثاق الأمم المتحدة، وتتدخل مباشرة في شأن دولة مستقلة، وتسير رحلات لدعم المليشيا بالسلاح تحت غطاء الدعم الإنساني، كل ذلك من دون اتفاق أو موافقة الحكومة السودانيه التي فقدت السيادة على أرضها!!
وذلك تحت سمع وبصر العالم، لأن السودان خاض حربه بسبب تقديرات قيادته التي ترى في الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها المنقذ الذي يهب أكسجين السلطة.
ولكن القيادة المصرية بعد أن أدركت اخيراً أن السودان بات مهدداً وجودياً، آثرت أن تصدر بيانها الذي فيه الكثير من الإشارات المباشرة للعابثين بأمن السودان.

2️⃣

جاء الموقف المصري بتلك الصرامة والوضوح بعد أن أعلنت الرياض قيادة مبادرة مع الرئيس الأمريكي مباشرة متجاوزة الرباعية التي فاقمت الأزمة وعدم حياد بعض عضويتها مثل الإمارات العربية المتحدة، ولكن السعودية ومن ورائها الإدارة الأمريكية لايملكون رؤية متكاملة لكيف يمكن إيقاف الحرب في البلاد ويعول الرئيس ترامب على سطوة أمريكا وبطشها أكثر من تعويله على الحلول الموضوعية، التي تتراضي عليها أطراف النزاعات في البؤر التي حاول ترامب إطفاء حرائقها.

والسعودية التي تحظى بتقدير كبير في أوساط السودانيين رغم الدور السالب لسفيرها الحالي بن جعفر ومساهمته المباشرة في إشعال الحرب، حينما كان يشكل رباعي، حاول هندسة الاتفاق الإطاري ومعه النصراني فوكلر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، والمرتد عن الإسلام سفير بريطانيا السابق عرفان صديق، وسفير دولة الإمارات، وكل قطرة دم سوداني سالت وبللت الأرض يسأل عنها السفير السعودي ومعه شركاؤه الثلاثة.* ولكن الآن رفعت المملكة العربية السعودية مستوى الاهتمام بالقضية الي هرم السلطة الأعلى، في تلك البلاد ويعتقد كثير من أهل السودان أن السعودية أقرب إليهم وجدانياً، ولكنها في الحرب الحاليه لم تقدم للسودان الا العجوة عبر مؤسسة الملك سلمان !! بينما كانت حاجة السودان للدعم السياسي والدعم العسكري وليس حجز البواخر التي تحمل العتاد العسكري في المواني السعودية بدون وجه حق، ولكنها الآن أدركت خطر مايحدث في السودان وأدركت انها بثقلها السياسي والاقتصادي كأكبر دولة منتجة للنفط، وأهم لاعب في المنطقة قد أصبحت مطية لدولة اولاد زايد بن نهيان، وتقاطعت المصالح السعودية الإماراتية في اليمن، مثلما تقاطعت مصالحهما في البحر الأحمر، الذي تسعى الإمارات للسيطرة عليه، وبعد مباحثات البرهان في الرياض كان منتظرا التوجه للقاهرة وابلاغها بما يجري ووجد البرهان مصر هي مصر، التي قال عنها الشاعر سيف الدين الدسوقي في مهرجان المربد الثالث ببغداد في حضور الرئيس صدام حسين (مصر ماتخلت عن السودان في الوقت الجهام).
والآن السودان بات مهدداً في وجوده، من إثيوبيا التي تحشد الآن قواتها قبالة النيل الأزرق ومدن الكرمك الدمازين. ودولة جنوب السودان اقتطعت حقول النفط في هجليج ونشرت قواتها هناك، وتجول عبدالرحيم دقلو في حقل هجليج فرحاً بانتصار تحقق له من غير قتال، وهو الذي حصد أرواح أكثر من ألفين من سكان بابنوسة!! ومنح حميدتي ابيي لدينكا نقوك ودولة الجنوب، وغداً قد تقتطع تشاد جزءاً من غرب دارفور لأن بلادنا أصبحت غانية مباحة.
هنا نهضت مصر ولوحت باتفاقية الدفاع المشترك التي وقعت منذ سبعينات القرن الماضي، وبسبب الهياج الثوري وخوف الصادق المهدي من اليسار والحزب الشيوعي، تم تجميد تلك الاتفاقية بيد أن الرئيس السيسي الآن يبعثها من مرقدها القديم ويتكئ عليها، في الدفاع عن السودان ومقدرات ومصالح شعبه، التي تتعرض للتهديد المباشر، *فهل تملك القاهرة إرادة الأفعال بعد الأقوال؟؟

3️⃣

مليشيا الدعم أصابها الهلع وتسلل الخوف لجوفها من الموقف المصري، بعد ظنت انها استطاعت السيطرة على الفضاء العربي وقال الباشا طبيق المتحدث باسم الدعم السريع وهو من قيادات الحركة الاسلاميه من الدرجة الخامسة، وكان يقود كتائب المجاهدين في جنوب كردفان، وهو من ابتعث منذ وقت طويل للعمل مع الإسلاميين المصريين، قال إن القاهرة بموقفها الذي أعلنته يوم الخميس تدخلت في الشأن السوداني مباشرةً، وقال إن التدخل الأجنبي في الشأن السوداني مرفوضاً لديهم، وتناسى طبيق في هرطقته هل الكولمبيين الذين اشترتهم أبوظبي ليقاتلوا في صف الدعم السريع جاءوا من بطون المسيرية؟ ام من الحوازمة؟ ام من السلامات؟ ويوم أمس الجمعة حينما هاجمت مسيرات القوات المسلحة تجمعات المليشيا في شمال غرب الدلنج ومناطق الفراقل والكدر والصبي مسقط رأس الشهيد مكي بلايل، وهاجمت قرية الحاجز مسقط رأس الدكتور حامد البشير إبراهيم، وهلك ضمن أعداد كبيرة من الهالكين نوير ودينكا، وتركت المليشيا جثثهم في العراء، وإذا كانت مليشيا الدعم السريع قد باعت ابيي للجنوب، وحقل هجليج كذلك، ألا يحق لمصر حماية محطات الكهرباء والمياه والمدنيين من الشعب السوداني، الذي يتعرض لإبادة عرقية على قوات المليشيا التي تقدمت أمس باتجاه مدينة كادقلي، واستولت على منطقة برنو أو دميك، من غير قتال لأن القوات المسلحة الموجودة هناك مجرد جماعة صغيرة بينما هاجمت المليشيا المنطقة بأكثر من خمسين عربة وتمركزت في برنو ومنطقة غرب جبل كيقا جرو، وبدأ فعليا سكان المدن يتسللون خروجاً منها خوفا من التطهير العرقي، ولكن إذا مااستخدمت مصر حق الدفاع عن الشعب السوداني فإنها بالطبع تستطيع على الأقل حماية المنشئآت من التخريب، الذي تقوم به المليشيا وهي تكشف عن حقد دفين على الشعب السوداني، ونوايا انفصالية ولكن قبل الانفصال تدمير كل المدن مثلما دمرت الفاشر ونيالا زالنجي وجعلتها حطاماً.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى