لم يكن يوم الاصطفاف الوطني مجرد موعد عابر في روزنامة الأحداث، بل كان لحظة فاصلة عبّر فيها السودانيون، في الداخل والخارج، عن وعيهم بحجم التحدي الذي يواجه وطنهم، وعن إدراكهم العميق بأن معركة السودان اليوم ليست معركة سلاح فقط، بل معركة إرادة ووجود وهوية.
خرج السودانيون في يوم أمس الاول ليجددوا العهد مع وطنٍ أنهكته حرب المليشيا ، ويؤكدوا أن وحدة الصف هي السلاح الأقوى في مواجهة محاولات التفكيك والفوضى. لم تجمعهم دعوة سياسية ضيقة، ولا اصطفاف أيديولوجي، بل جمعهم الإحساس المشترك بالخطر، والإيمان بأن بقاء الدولة السودانية مرهون بتماسك شعبها والتفافه حول قضاياه المصيرية.
لقد حملت مشاهد المشاركة الواسعة يوم أمس الاول رسالة واضحة للداخل قبل الخارج: أن الشعب السوداني، رغم الجراح، لا يزال حاضرًا، واعيًا، وقادرًا على التمييز بين من يدافع عن الدولة ومن يسعى لهدمها. وكان لافتًا أن يمتد هذا الاصطفاف عبر الجغرافيا، ليشمل السودانيين في المهجر، في تأكيد إضافي على أن الوطن فكرة تسكن القلوب قبل أن يكون حدودًا على الخريطة.
إن أهمية يوم الاصطفاف الوطني لا تكمن فقط في الحشود أو الشعارات، بل في دلالته السياسية والأخلاقية؛ فهو إعلان جماعي برفض تواجد المليشيا وقحاتتها وصمودها وتقدمها وغيرها من الحشرات الممرضة ، ورفض اختطاف القرار الوطني، ورفض أن يُترك السودان رهينة لأجندات خارجية أو مليشيات مسلحة.
واليوم، بعد أن قال الشعب كلمته، تبقى المسؤولية مضاعفة على كل القوى الوطنية لتحويل هذا الاصطفاف الشعبي إلى فعلٍ منظم، ورؤية واضحة، وخطاب يوحّد ولا يفرّق، ويضع مصلحة السودان فوق كل اعتبار. فالشعوب التي تصطف في لحظات الخطر، قادرة – إن أُحسن الاستماع إليها – على صناعة مستقبلها، مهما اشتدت العواصف.
شكراً للشعب السوداني على يوم كل تفاصيله معمولة بحب





