
قلت له : لن يغلب الإعلام وسعاً.. ولا جهداً خالصاً لله والدنيا.. ولن تُعجزه، بطبيعة الحال، مسالك السالكين في مناصحة السلطان الامين.. مثل مناصرته في سبيل الوطن والدين..
هذه البلاد المنكوبة.. واسعة.. شاسعة.. مترامية.. ذات قضايا شائكة.. من قضية الحرب الآنية.. إلى قضية معاش الناس… بينما الحقيقة الماثلة هي أن هذا البلد لن يمضي إلى الامام بالطريقة التي يدير بها السيد الرئيس.. الملفات الحساسة.. اجتهد الجنرال البرهان وقدم كل ما يمكن تقديمه في سبيل الحفاظ على السودان كدولة ذات هيبة وسيادة.. وانتصر.. نعم انتصر انتصارات ساحقة اعجبت الشعب واغاظت الاعداء.. دُحر العدو المغتصب الغاصب.. ولكن مرحلة ما بعد الحرب، ايها السادة، تحتاج لخطة جديدة وفريق جديد من الخبراء الذين يحسبون لكل شيء حسابه.. لا ينبغي ايها السادة.. أن تُفكر الدولة كلها حاليا بعقل وقلب وفؤاد وإحساس.. الرجل الواحد الذي مهما امتلك من كاريزما وقوة شخصية ومقبولية في الشارع العام.. وعبقرية وإلهام.. فهو في نهاية الأمر.. لن يستطيع، لوحده، أن يغالب حالة عناد العربة التي تقف أمام الحصان.. لانه باختصار شديد.. رجل واحد.. يريد أن يمسك بزمام البلد بقبضة حديدية، ولكنه لن يستطيع أن يحكم ولاية واحدة.. من ولايات السودان ال 18 في أكثر الأوقات سلاماً ورخاءً، فما بالكم ببلد يتآكل الان من الداخل في زمن الحرب والاقتصاديات العدم وتتربص به الدوائر.
بكل صراحة.. يحتاج البرهان لمن يذكره بما كتبناه في هذه الزاوية بتاريخ الثاني من سبتمبر من العام الماضي.. تحت عنوان (استرح يا برهان).. واسترح هذه.. يا اصدقائي الاماجد.. كانت اشعار مخاوف في بريد رجل يمكن أن تفتقده البلاد فجأة وفي أي لحظة بسبب الاجهاد والاجتهاد.. صحيح وقتها كانت الظروف لم تكن هي ذات الظروف الحالية.. ولكن ما كان يتذرع به الجنرال البرهان في وجود حكومة مكلفة وكسيحة، ايامها، ولإبقاء الأحوال على ما هي عليه، قد انتفى الآن، وقتها كان يمكن أن نوافقه ونتفق معه لأن التمرد كان يتمدد في مساحة كبيرة وممتدة… من جنوب الازرق.. مرورا بالجزيرة والنيل الأبيض.. إلى عاصمة السودان عموم (الخرطوم) محل الرئيس بنوم والطيارة بتقوم.. ولكنه الان، اي العدو، اخرج الروح العزيزة من مناخيره لا بالحلقوم… ولفظ أنفاسه الأخيرة في كردفان ودارفور وهو الوقت المناسب، في ظني، الذي ينبغي أن تعود فيه الدولة لممارسة سلطاتها وبسط هيبتها بالقانون والذراع الطويلة، وان تنظر للمواطن الذي فقد كل شيء.. كل شيء.. بعين اللطف والرأفة.. وهو، اي المواطن، لم يدّخر عمرا ولا مالاً في سبيل إسناد قواته المسلحة الباسلة… ومن ثم الوقوف، غير المشروط، خلف القائد العام لهذه القوات، الجنرال عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن البرهان، الرجل الذي حظي بشعبية جارفة.. كاسحة.. ساطعة.. لم يحظ بها حتى اولئك الملوك الذين يملأون أفواه شعوبهم بالعسل والعنب والرطب.
جاء أوان الحسم.. وازف ميعاد الحصاد.. دقت ساعة الحقيقة التي تطالب بأن تعود الدولة إلى أرض الميدان، أسوة بفرسان القوات المسلحة والمشتركة والشرطة والأمن وكتائب الإسناد.. تعود الدولة برجالها الأقوياء.. الشرفاء.. المخلصين.. الرجال، غير الفاسدين، المتجردين من أجل خدمة البلد والمواطن وإزاحة اللصوص الذين فخخوا المداخل واحتلوا العاصمة البديلة بورتسودان.. حاضرة البحر الاحمر.. مدينة الغربان الناعقة والأسرار المفضوحة.
أعود وأقول للمقربين من رأس الدولة السودانية التي مازالت على خارطة والوجود والذكر.. أنصحوا السيد الرئيس.. فقد منحتكم الظروف القاهرة الفرصة المناسبة والمسافة المناسبة لإبداء النصح.. وتدريج الرأي في زمان عز فيه المناصح.. وكثر فيه المنافقين لا المناصحين.. فما زال الأفق يضج بمن يبرعون في ارتداء قفطان سيف الدولة في حضرة مجلس رئيس الدولة، اولئك الذين يعيشون حياتهم بمبدأ (صاحب الزبدة) الذي اذا قال (نشويها).. (شويناها).. و… نحن مالنا.. السودان دوووولة.