مقالات الرأى

ايمن كبوش يكتب … المنتظر امريكا.. !

تابعنا على واتساب

لا ينبغي لنا.. أن نتبنى تلك القضايا التي لا يجتهد أصحابها، بالأصالة، في تسويقها بالشكل الذي يغضب الإبانة لكي يسرع في ارضاء التجاهل امعاناً في الصمت والازدراء.. صحيح نحن مع البرهان في الحُلوة والمُرة من موقعه السيادي والقيادي، ان طلب منا أن نخوض معه البحر، خضناه، وان طلب منا أن نقاتل حتى الموت، سوف نقاتل معه ولن نقول له اذهب انت والكباشي وقاتلا، بل سنقاتل معهما حتى الرمق الاخير، ولكن في نهاية الامر ان ابن التبني في ثقافتنا الشعبية يظل مثل ابن السفاح، لا تقام له (سماية) فارهة وفاخرة مثل أبناء الأصلاب والبطون..

عندما كان العالم يغرق في الحكايات الوسيمة ويرتاد المسارح، ألف الكاتب الايرلندي المعروف بفيلسوف الصمت (صمويل بيكيت) رائعته الأشهر (في انتظار عودة غودو).. تدور أحداث المسرحية حول رجلين يدعيان (فلاديمير) (واستراغون) كانا ينتظران شخصًا يدعى (غودو).. و(غودو) هذا، لا يصل أبداً.. بقية المسرحية معروفة ومبذولة لأغلب أبناء ذلك الزمان النضير، أما الحكمة من السرد والاستدلال هنا، فهو تعبير صريح عن انقطاع العشم وعدم انتظار أن تمطر السماء ذهبا وفضة.

خدعت ماما امريكا النظام السابق.. ولعبت معه لعبتها بسياسة النفس الطويل.. مدت له حبال الامنيات واغرته بما يستحق أن يبذل لأجله ما لا يبذل في سبيل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة جورا وظلما على الشعب السوداني… ولكن في لحظة فاصلة من عمر التاريخ استطاعت امريكا أن تلف الحبل على عنق نظام البشير تم تكسرها، متجاهلة لكل ما تم تقديمه من تنازلات وانبطاحات، إلى أن انتهت الحكاية بفصل الجنوب عن الشمال ولم يحصل النظام على شيء غير الوعود الكذوبة والبروق التي لا يعقبها المطر.

هاهي امريكا تعود من جديد لممارسة ذات اللعبة.. مع تغيير طفيف في اللاعبين، فتجمع البرهان مع المسؤول الأمريكي الرفيع بتسهيل قطري في مفاوضات سرية لم يكشف عن مخرجاتها بشكل رسمي حتى بعد افتضاح أمرها.

قديماً نجحت امريكا في التلاعب بنظام عتيق له من الخبراء والمستشارين والصقور والحمائم ما يملأ مد البصر.. علاوة على وجود حاضنة سياسية متمرسة وخبرات كبيرة وصفوف متراصة باكثر من عدد الاصابع.. ورغم ذلك لم يحصل ذلك النظام على حق ولا باطل من هذه الامريكا.. فما بالكم بحالنا اليوم وحظنا القليل في الخبراء والمستشارين وأهل النصيحة الذين يستطيعون أن يجلسوا في طاولة تفاوض مع أمريكا التي تأتينا دائما وبراءة الاطفال في عينيها.. ونحن للاسف الشديد نصدقها ونمنحها شيك على بياض يؤكد براءتها من الدم السوداني المسفوح على قارعة الطريق.. بينما الضمير العالمي لا يحس ولا يسمع ولا يتكلم، كيف له أن يفعل ذلك ونحن دولة تتخطفها الايادي العابثة.. والقلوب الواجفة لشذاذ الآفاق من بني جلدتنا الذين ادمنوا العمالة والتسكع أمام أبواب السفارات.

من ينتظر حلاً لحرب السودان من لدن امريكا وربايبها.. ابشركم.. سوف ينتظر طويلا.. ولكن رغم ذلك نقول اننا لسنا من دعاة اغلاق الابواب والنوافذ أمام المبادرات، وان كانت غير جادة، يجب أن نتحرك خطوات طالما أن ذلك لن يؤثر على مسار العمليات العسكرية ولا في الايمان القاطع بحسم التمرد في كافة الجبهات.

اخيرا.. امريكا ليست داعية سلام ومحبة.. ولم نعرف لها اي خير في تاريخ البشرية.. اللهم إلا إذا أرادت هذه الدولة التي لا تبالي لأوجاع احد أن تطبق مقولة: أن من بدأ المأساة ينهيها.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى