
وجد كامل ادريس رئيس الوزراء نفسه أمام مشكلات عصية في تشكيل حكومة العبور من مرحلة الحرب الراهنة إلى آفاق مابعد الحرب والرجل القادم من مؤسسات دولية راسخة ونظام بيروقراطي خير من عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق بطرس غالي في كتابه بيت من زجاج كشف فيه خبايا وأسرار المنظمة الامميه التي تديرها قوى خفيه وقد كان هو نفسه مجرد موظف في مؤسسة كل شي فيها غير قابل للتغير ولا مكان فيها لعبقرية الأفراد والملكية الفكريه التي اعتلى كامل ادريس قيادتها لسنوات ربما افادت الرجل في القدرة على التكييف مع المتغيرات في مناخات السكون والمؤسسات الجامدة وسعى كامل ادريس منذ وقت مبكرا لدورا في بلاده حتى تحقق له ذلك ولكن بعد أن وهن الجسد واكتسي الراس الشيب وفي ظروف بالغة الصعوبة وكامل ادريس الآن مطالب بتشكيل حكومة من عناصر لايعرفها ولم يسبق له العمل بها ويواجه بصعوبة اخيار الوزراء لرجل( بدون حزب)( وبدون حركة مسلحة) وبدون( قبيلة جاءت به) وبدون وبدون وبدون!!
فكيف يختار حكومته ولاتتعدي معرفة كامل ادريس بالسودان مجموعة من النخب وسمار الليل ورواد حفلات السفارات والدبلوماسيين المتقاعدين من الخدمة وربما وجد له (شلة مثل شلة مزرعة حمدوك) وهؤلاء (غطسو حجر سلفه) والكامل الإدريسي له حاشية واتباع من الصحافيين بعضهم غادر الدنيا وآخرين اختفوا منذ اندلاع الحرب خوفا على أنفسهم وبعضهم فاعلين في المشهد الآن( وشلة الصحافيين) كان كامل ادريس يحملهم من الخرطوم إلى سويسرا علنا ليتسامر معهم في ليل جنيف الطويل والتمتع بالدهشة بما يجري حول بحيرة البجع ويعود أصدقائه والسنتهم تفيض بمدح الخبير الأممي الذي جمع الإمام الراحل الصادق المهدي والراحل حسن الترابي في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي في محاولة لتفكيك وحل المشبوك بين المعارضة والحكومة الإنقاذية حينها والان غاب الصادق للأبد وغاب الترابي وجلس كامل حاكما ظاهريا بصلاحيات واسعة لتشكيل الحكومة وفعليا يده مغلولة بحزمة اتفاقيات تمنح الحركات المسلحة نصيبا في السلطة يذيد ولا ينقص حتى موعد حشر النآس للانتخابات ضحى ولن يستطيع كامل ادريس تشكيل حكومة كفاءات مستقلة بعيدا عن الموازنات الجهوية بتمثيل الشرق والوسط وكردفان والشمال والمرأة والشباب وبالتالي تسقط الكفاءة في لجة هذه الموازنات ويصبح كامل ادريس في مقام الفة فصل لطلاب جمعهم مدير المدرسة وفق مقتضى الحال
كامل ادريس تتربص له المعارضة السياسية الجنجويدية
والمعارضة المتحالفة مع المليشيا ويسعى العسكر في ذات الوقت الإمساك بيد الرجل بطريقة ناعمة وقد أصبحوا تنفيذيين في الدولة وقادة سياسيين أكثر من كونهم عسكريين ويظل طموحهم في الحكم مشروعا وواقعا فكيف يحقق كامل ادريس النجاح في مثل هذه التعقيدات وكيف يختار حكومته؟ وهل من الإنصاف محاسبته على تكوين حكومة نصفها جاءت به الاتفاقيات والنصف الآخر اقتضتها الموازنات؟؟