أوامر قبض لسياسيين وإعلاميين … الحساب ولد
تقرير_ محمد جمال قندول
أصدرت النيابة العامة أوامر قبض بحق عددٍ من المتهمين الهاربين ومنهم: طه عثمان الحسين، وتسابيح مبارك خاطر وآخرين.
ويأتي القرار تتويجًا لمجهوداتٍ وتحرٍ وبحث من المؤسسة العدلية، أثبتت تعاون المذكورين أعلاه مع ميليشيا الدعم السريع التي تمردت على الدولة في الخامس عشر من أبريل العام الماضي.
الحماس الشعبي
ويقول الخبير الإعلامي عاطف سعد الله، إنّ النيابة العامة جهةٌ مهنية وليست جهةً سياسيةً أو أي جهة أخرى.
والمتعارف عليه عند القانونيين أنّها (خصمٌ نظيف)، ولا توجه اتهاماتٍ ولا تصدر أوامر بالقبض إلّا إذا توافرت لديها البينة المبدئية الكافية لتوجيه الاتهام، وعلى ذلك فإنّ الحماس الشعبي وما ترى الجماهير أنه سببٌ كافٍ لتوجيه التهم وإصدار أوامر القبض ليس هو المطلوب، مشيرًا إلى أنّ الأُسس التي يبنى عليها توجيه التهمة وإصدار أمر القبض هي مطلوباتٍ قانونية دقيقة لا يعلم بها غير المتخصصين، سيما إذا كان المتهم خارج السودان، ومتى التزمت النيابة هذه المهنية في عملها ووفرت البينة المطلوبة، فإنّ البوليس الدولي (الإنتربول)، لن يتوانى في القبض على المطلوبين ممن يقيمون خارج البلاد.
واعتبر عاطف بأنّ التجربة تؤكد صدقية ذلك. ففي إحدى المرات تم تسليم القائد العسكري للمعارضة للسلطات السودانية برغم أنّ النظام في السودان كان مغضوبًا عليه في ذلك الوقت، وكانت المعارضة تجد دعمًا سياسيًا وعسكريًا دوليًا، وأردف بالقول: من الأفضل أن تكف الجماهير عن الضغط النفسي العاطفي على النيابة العامة حتى لا تؤثر على أدائها وتفقد صدقيتها خارج السودان بمفارقة الأسس القانونية.
الجدير بالذكر بان من ضمن المطلوبين “جمال بله الشاو حمد الله و مجاهد بشري زكريا حامدين، عبد العظيم سليم محمد علي، قريب الله محمدين الدود مهدي، قابيل عبد الباقي الصديق عبد الله، زنون عثمان أبو زيد فاشر، علاء الدين عوض محمد نقد، عابر على سليمان آدم، منتصر يحيى ادريس هباني وعبد القادر علي الشريف عبد الله
الهيئة التشريعية
ويقول القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي خالد الفحل إنّ أوامر القبض التي صدرت في مواجهة سياسيين وإعلاميين، تستند إلى مواد القانون الجنائي لسنة 1991، حيث إنّ الحاضنة السياسية للميليشيات ظلت منذ بداية الحرب تمثل الظهير السياسي للميليشيات، وقد وقعت اتفاق أديس أبابا لشرعنة الميليشيات من خلال التعايش في مناطق انتشار التمرد.
وأضاف الفحل بأن المطالبة بإعمال سيادة حكم القانون في إطار استقلال المؤسسات العدلية والقضائية التي يقع على عاتقها واجب ملاحقة الميليشيات وأعوانهم من السياسيين والإعلاميين وتقديمهم إلى محاكمات، وقد تأخرت إجراءات المحاكمات لأنّ هنالك ضرورة لتعديل التشريعات القانونية، حيث دفع السيد النائب العام مولانا طيفور بعد فترةٍ وجيزةٍ من تعيينه بمشروعٍ لتعديل بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية لسنة ١٩٩١ وأهمها المادة ١٣٤ التي تتحدث عن المحاكمة الغيابية، بينما يهدف تعديل المادة المشار إليها إلى إضافة مواد من القانون الجنائي للمواد التي يجوز محاكمة المتهمين بمخالفتها غيابيًا وتشمل: الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب الواردة في الباب الثامن عشر من القانون الجنائي لسنة ١٩٩١، إضافةً إلى جرائم قانون مكافحة الإرهاب لسنة ٢٠٠١. والغرض من التعديل هو عدم إفلات المجرمين من العقاب وملاحقتهم أينما كانوا.
وبحسب الفحل فإنّ التعديل لم تنظر فيه الهيئة التشريعية المكونة من مجلسي السيادة والوزراء رغم إيداعه أمامها منذ فترة طويلة، وغلّ ذلك يد النيابة في محاكمة قادة الميليشيا وداعميهم وحاضنتهم السياسية المتواجدين خارج البلاد.
ودعا الفحل إلى ضرورة إجازة التعديلات المطلوبة بانعقاد اجتماع مجلسي السيادة والوزراء، حتى تتمكن النيابة العامة من تقديم كافة المتهمين للمحاكمات.
الإجراءات الجنائية
بدوره علّق القانوني عبد الله درف على معرض الطرح وذكر بأنّ المعركة الآن شاملة، حيث يجب على كل الشعب ومؤسساته الرسمية والشعبية المشاركة فيها دفاعًا عن الأرض والعرض والحق والعدل وسيادة البلاد.
وأضاف بأنّ النيابة العامة عليها تحريك الإجراءات الجنائية من تلقاء نفسها في مواجهة الميليشيا ومعاونيها، لأنّ جرائمهم أخذ بها كل الشعب علمًا كما أخذت النيابة علمًا بها ولا تحتاج في هذه الحالة لشاكٍ أو مبلغ.
وأضاف درف بأنّ الإجراءات تتطلب سرعة البت في إصدار أوامر القبض ومخاطبة (الإنتربول) للقبض على المتهمين، لا سيما وأنّ الجرائم المرتكبة تصنف كجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية من الفاعلين الأصليين وشركائهم الداعمين والمؤيدين لأفعالهم، كما يحق للنيابة بعد الإعلان عن المتهمين الهاربين، تقديمهم للمحكمة ليحاكموا غيابيًا وفقًا لنص المادة ١٣٤/ أ من قانون الإجراءات الجنائية.