
قلت له: ما لا يعلمه بعض نشطاء (الهم العام) والزملاء العزاء، مع اكيد احقيتهم في الانتقاد وابداء النصح، أن الدكتور (كامل ادريس)، رئيس مجلس الوزراء، الذي أكمل ربع العام منذ تعيينه حتى الآن، لا هو الجنرال (عبد الفتاح البرهان).. ولا الجنرال (شمس الدين كباشي).. ولا الجنرال ياسر العطا.. ولا الفل مارشال (مني اركو مناوي)… هذا الرجل المحترم يعتبر في العقل الجمعي السوداني عبارة عن (سِنة ناعمة)، قادم من بلادٍ (مرفهة) ومسكونة بالدعة وحسن الحال والاحوال، ليس له في (السردبة) والجلد التخين وقوة الاحتمال، وقد تم تعيينه رئيسا لمجلس وزراء السودان في ظل ظروف بالغة التعقيد، سابقاً فشل جميع الذين سبقوه في هذا المقعد ولم ينجحوا في تجاوز الازمة، خاصة عملية الإصلاح الاقتصادي التي أعيت معتز موسى وبكري حسن صالح ومحمد طاهر ايلا وعبد الله آدم حمدوك، إذن من الصعب أن ننتظر جديدا من الرئيس الجديد المتغرب من البلد في ربع عام، وازمتنا لها سنوات متعاقبة منذ الاستقلال، ان كان هنالك من رسائل انتقاد مرسلة الى صندوق بريد السيد رئيس الوزراء الجديد، فينبغي علينا أن نذكره بأن السرطان الكامن في جسد الدولة السودانية، لا يمكن أن يعالج ابداً بالبندول ولا الترامادول، لا تفيد المسكنات التي مثلت مخرجات اجتماعه الأخير لوقف نزيف الجنيه السوداني في مواجهة العملات الأجنبية، خصوصا وأن ما خرج به اجتماع العصف الذهني يمثل وصفات مجربة لم تثبت جدواها في السابق، بعيدا عن دفع عجلة الإنتاج إلى ناحية الميزان التجاري حيث تتفوق الصادرات على الواردات باختصار شديد للعلة القديم المتجددة، وقبل ذلك محاربة غول الفساد الذي بات الحديث عنه في الشارع السوداني المشغول بالشمارات من المسلمات، دون أن تتحرك أي جهة في الدولة لكبح جماح آكلي المال العام وممارسي الهمبتة (عينك يا تاجر) وقديما قيل إن من أمن العقاب ساء الادب.
لن يصمد الدكتور كامل ادريس حتى يكمل نصف العام، إذا تعاملنا معه مثل تعاملنا مع البرهان وبقية الجنرالات، هؤلاء يتحملون ولمثل تلك الأيام كانوا يتدربون، وقد صقلتهم التجارب لتحدي الصعاب، ولكن ما بال هذا الذي جاءنا من بلاد الاعاجم والحياة الرغيدة وذلك العالم الذي تجاوز القضايا الحياتية اليومية التي نناقشها نحن، مثل لقمة العيش والخبز الحافي وانقطاع الماء والكهرباء والتدافع نحو شراء الواح الثلج لا ألواح الطاقة البديلة، هذه قضايا تجاوزتها اغلب دول العالم الثالث ونحن بتنا لا ننافس في مثل هذا السوء، الا جنوب السودان وتشاد والنيجر وأفريقيا الوسطى.
ينبغي ألا نصعب الامور على الدكتور كامل ادريس، وهذا ليس دفاعاً عنه لأن الدفاعي الحقيقي يتمثل في الانجازات وارضاء المواطن، ولكن علينا ان نعينه في إعداد خطة واضحة لحكومته، وكذلك جداول تنفيذ.. إذ وضح تماما بأن اللجنة التي عينها المجلس السيادي لإعادة الحياة للعاصمة الخرطوم.. تسبقه باكثر من خطوة.. وهو مازال يتحسس الملعب.. متناسيا بان المواطن البسيط سيكون هو الخصم الاقوى في مواجهته.. منتظرا تسجيل الأهداف في شباك معاش الناس والخدمات والتنمية ونعمة الامن..