
أصدرت وزارة التربية والتعليم الليبية، قرارًا يقضي بضرورة امتلاك الطلاب الأجانب، بمن فيهم السودانيون، لإقامات سارية المفعول كشرط أساسي للتسجيل في المدارس الحكومية والخاصة للعام الدراسي الجديد، المقرر انطلاقه اليوم الأحد، مما أثار قلقًا بالغا لدى آلاف السوادنيين المقيمين في ليبيا خوفا على مستقبل أبنائهم الدراسي
والزمت وزارة التربية والتعليم الليبية جميع المؤسسات التعليمية بعدم قبول أي طالب غير ليبي إلا إذا كانت لديه إقامة قانونية سارية لمدة لا تقل عن عام.
واشترطت على أولياء الأمور تقديم تعهد خطي بإتمام إجراءات الإقامة خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، محذرة من أن عدم الالتزام بهذه المهلة سيؤدي إلى إيقاف الطلاب عن الدراسة، وهو ما أثار موجة من الاستياء في أوساط اللاجئين السودانيين.
وأكد عدد من أولياء الأمور السودانيين المقيمين في العاصمة طرابلس بحسب دارفور24 أن القرار يشكل عبئاً كبيراً عليهم، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف استخراج الوثائق الرسمية. وأوضح اللاجئ أحمد طه أن تكلفة جواز السفر للبالغين تصل إلى 1260 ديناراً ليبياً، أي ما يعادل نحو 535 ألف جنيه سوداني، بينما تبلغ تكلفة جواز الأطفال 600 دينار، ما يعادل 260 ألف جنيه سوداني. وأضاف أن تكلفة الإقامة الواحدة تتجاوز 2500 دينار، فضلاً عن الضرائب والغرامات المتراكمة، ما يجعل الأمر خارج نطاق قدرة معظم الأسر اللاجئة.
من جانبه، كشف أحد المعلمين السودانيين العاملين في المدارس الليبية أن أعداداً كبيرة من أبناء اللاجئين السودانيين يتلقون تعليمهم في المدارس الحكومية والخاصة المنتشرة في مدن طرابلس ومصراتة وسبها وأجدابيا وبنغازي والكفرة. وأوضح أن عدد الطلاب السودانيين يتجاوز ثلاثة آلاف تلميذ في مختلف المراحل الدراسية، مشيراً إلى أن الوزارة كانت قد سمحت العام الماضي بمعاملتهم معاملة الطلاب الليبيين، لكنها تراجعت عن ذلك هذا العام تحت تأثير ضغوط شعبية، ما أدى إلى أزمة حقيقية في إمكانية التحاقهم بالمدارس.
وبيّن المعلم أن عدد المدارس السودانية العاملة في ليبيا لا يكفي لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب، إذ توجد خمس مدارس فقط في طرابلس، ومدرستان في مصراتة، ومدرسة واحدة في كل من سبها وأجدابيا وبنغازي والكفرة. هذا النقص في المؤسسات التعليمية المخصصة للجالية السودانية يفاقم من حجم التحديات التي تواجه الأسر اللاجئة، ويضع مستقبل آلاف الأطفال على المحك في ظل غياب حلول بديلة.
وفي سياق متصل، قالت أميمة حافظ، وهي أم لثلاثة أطفال، إنها اضطرت إلى توقيع تعهد قانوني لدى أحد المحامين لإكمال إجراءات الإقامة، حتى يتمكن أبناؤها من مواصلة تعليمهم. وأشارت إلى أن أسرتها بدأت تفكر بجدية في العودة إلى السودان إذا لم تُحل الأزمة خلال الفترة المحددة، رغم المخاطر المرتبطة بالوضع الأمني هناك، ما يعكس حجم الضغوط النفسية والعملية التي تواجهها الأسر السودانية في ليبيا.
وبحسب بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فإن ليبيا تستضيف أكثر من 313 ألف لاجئ سوداني حتى مارس الماضي، فرّوا إليها بعد اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023. ويتمركز معظم هؤلاء اللاجئين في مدن طرابلس ومصراتة غرباً، وسبها والكفرة جنوباً، وأجدابيا وبنغازي شرقاً، ما يجعل أزمة التعليم قضية مركزية تمس شريحة واسعة من المجتمع السوداني في ليبيا، وتستدعي تحركاً عاجلاً لتفادي تداعياتها الإنسانية والاجتماعية