
بريطانيا (دولة الإحتلال) بدأت تسعى جاهدةً لإعادة الإمساك بملف السودان من جديد بعد أن تحول منها إلى الولايات المتحدة منذ عقود خلت ، و ذلك من خلال تنظيمها و استضافتها لعدد من (الورش ، و الندوات ، و الحلقات النقاشية) في الفترة الأخيرة ، كان آخرها الحلقة النقاشية التي نظمها المعهد الملكي للخدمات المتحدة للدفاع والدراسات الأمنية (RUSI) بمشاركة عدد من الإعلاميين السودانيين بالخارج ، إلى جانب برلمانيين و قيادات من حزب العمال الحاكم و سفراء بريطانيين سابقين عملوا في السودان و عدد من الخبراء العسكريين المتقاعدين كما ذكر ذلك الأستاذ ضباء الدين بلال أحد أعضاء الوفد المشارك ، و بالتأكيد فإن المعنيين بالملف السوداني في جهاز المخابرات البريطاني الخارجي (MI6) و بطبيعة الحال كانوا حضوراً !!
بريطانيا و بحكم أنها دولة الإحتلال لم تكن حاضرةً في ملف السودان بصورة كبيرة خلال العقود الأخيرة حيث يبدو أنها تنازلت منه لصالح الولايات المتحدة و بعض الناشطين في مجال حقوق الإنسان و عدد من المنظمات الكنسية و الحقوقية في أوروبا !!
أذكر أنني عندما كنت وزيراً للشباب و الرياضة زارني السفير البريطاني فقلت له لماذا كان حضور بريطانيا ضعيفاً في نيفاشا و لماذا تركت الساحة للولايات المتحدة و دول أخرى مثل النرويج على الرغم من أنها هي الأدرى بتفاصيل الواقع السوداني ، إلا أن كلامي لم يعجبه فأخذ يبرر و يشرح و لكن تبريراته لم تكن مقنعة !!
بريطانيا و بالرغم من ضعف حضورها العلني فى المشهد إلا أنها ظلت تمثل (المطبخ) الرئيسي الذي يقوم بإعداد الخطط و السياسات المتصلة بالشأن السوداني !!
أما فيما يتصل بالحرب الدائرة في البلاد منذ الخامس عشر من أبريل بسبب تمرد مليشيا الجنجويد و ما صاحبها من تدخل مباشر من دولة الإمارات داعم للمليشيا ب (ا ل س ل ا ح) و العتاد و المرتزقة فإن الموقف البريطاني في الغالب كان سالباً ، بل وزير خارجيتها (ديفيد لامي) صدرت عنه تصريحات عديدة معادية للحكومة السودانية ، و الأنكى من ذلك أنها عرقلت عدة مرات مناقشة شكوى السودان ضد الإمارات الموضوعة أمام مجلس الأمن منذ شهر مارس 2024 و كذلك ظلت بريطانيا تقدم دعماً سياسياً و ديبلوماسياً مستمراً للذراع السياسي للمليشيا المتمثل في جماعة (صمود) و من قبلها (قحت و تقدم) !!
على الرغم من موقفي المبدئي الرافض لأي تدخلات أو مبادرات خارجية فيما يتعلق بشئوننا الداخلية ـ و الذي هو موقف كل سوداني وطني ـ و على الرغم من المعلومات المتوفرة لدى بأن الموقف البريطاني الرسمي هو الدعوة للتدخل المباشر في البلاد تحت ذريعة الأوضاع الإنسانية و حماية المدنيين ، إلا أن مشاركة مجموعة الإعلاميين الوطنيين المعروفين بالإنحياز لمعركة الكرامة في الحلقة النقاشية المشار إليها أعلاه ربما يصب في مصلحة تصحيح الصورة و توضيح الحقيقة لصانعي السياسات الخارجية املأ في أن يتحسن الموقف البريطاني الرسمي !!
(تدخل بريطانيا أو أي دولة أخرى في شئون بلادنا أمر مرفوض من حيث المبدأ فنحن دولة مستقلة ذات سيادة) ..