اليوم نيوز

وزير المعادن(أبونمُّو) يكتب … بين تهنئة محمد (كاكا) وخطاب مناوي تكمن حجم المؤامرة ولؤم حكام تشاد

تفاجأت كغيري من السودانيين برسالة التهنئة التي أرسلها رئيس تشاد محمد كاكا للفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة بمناسبة العيد الوطني للسودان في الأول من يناير الحالي. المفاجأة بالنسبة لي كانت لجرأة الرجل واعتقاده انه بهذه الرسالة يمكن أن يستغفل السودانيين والمجتمع الدولي والإقليمي بأن دولة تشاد قد غيّرت من موقفها من الحرب وانتحى نحو السلام والتصالح مع السودان، وفي نفس الوقت يستمر في دعمه للتمرد وعدوانه على السودان، وبالتالي مع عنصر المفاجأة كنت أشفق على بعض حَسُني النية من أهل السودان الذين صدقوا رسالة كاكا وظنوا أنها خطوة تراجع ومحاولة لإصلاح العلاقة المتوترة بين البلدين.
أما أنا فالرسالة حقيقة ذكّـرتني بالمثل السائد الذي يقول (الاختشوا ماتوا)، لذلك فقد راودتني شكوك كثيفة من اللحظة الأولى لسماعي للرسالة عن صدقية الرجل وجديته، تلك الصدقية والجدية التي غابت زهاء السنتين من حرب العدوان على السودان، وإلا كيف لرئيس ضرب بأرض الحائط كل وشائج علاقة الدم والجيرة الأزلية بين البلدين الشقيقين، وجعل من بلده منصة انطلاق لكل آلة القتل والدمار المتدفق للسودان من خلال حدوده لغرض السيطرة على السودان أو إسقاط مدينة الفاشر كخطة (ب) لإقامة دولة لعربان الشتات بدعم مباشر من دولة الإمارات العربية المتحدة؟
 
وأنا في هذه الشكوك والحيرة حتى دعتنا اللجنة التنفيذية لنادي البجا في بورتسودان للاحتفال بعيد الاستقلال وتكريم ابنهم الأستاذ/ محمد طاهر عمر، مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية، وكان الحاكم مناوي ضيف الشرف في هذه المناسبة وتُرك له فرصة الختام في الاحتفال، وقد ألقى خطاباً سياسياً لقي إحسان الحضور، وقد أورد في خطابه معلومة مفجعة في سلسلة جرائم ثلاثي الدعم السريع – الإمارات – تشاد، في هجومهم اليومي لاستهداف المدنيين في مدينة الفاشر، فقد ذكر القائد مناوي أنه في هذا اليوم فقط الثاني من يناير ٢٠٢٥، جاءت مُسيّرة عملاقة في سماء الفاشر واستقر فوق المدينة لحوالي الخمس ساعات، هذه المُسيّرة تحلق عالياً خارج مرمى النيران وتقذف أهدافاً مدنية منتقاة بعناية وهي عبارة عن مرافق صحية وتجمعات المواطنين في الأسواق والمرافق الصحية وألحقت المُسيّرة بذلك عشرات القتلى والمصابين وتدمير العشرات من المباني السكنية ومرافق الدولة المدنية.
 
في ظل هذا التطور الخطير لمسار الحرب، هنالك أسئلة مُلِّحة تطرح نفسها مثلاً:
١- هل تملك المليشيا مُسيّرات بهذا الحجم والتكنولوجيا؟ الإجابة الأكيدة هي (لا)!.
٢- هل انطلقت هذه المُسيّرات من أبوظبى؟ بالتأكيد الإجابة أيضاً (لا).
٣- إذن من أين انطلقت هذه المُسيّرات، والتي يفترض أنها أُطلقت من منصة مجهزة ومن موقع آمن وبعيد عن ميدان القتال في دارفور؟
الإجابة المنطقية انها إما ان انطلقت من مطار أم جرس بالحدود الشرقية أو من مطار أبشي أو من مطار حسن جاموس من العاصمة إنجمينا، مما يعني ان تشاد الآن لا تكتفي بالسماح بمرور العتاد العسكري والمرتزقة من حدودها مع السودان، بل أصبحت دولة معادية تنطلق منها الصورايخ الباليستية والمُسيّرات العابرة للحدود لضرب مدن السودان!!.
 
إذن، ونحن في هذا الظرف نتساءل إلى متى نصبر على تشاد والعدوان ينطلق من أراضيها وبوتيرة متصاعدة وبوسائل متجددة؟
 
رأيي الشخصي المتواضع انه آن الأوان أن تجتمع الحكومة السودانية على مستوى القيادة السياسية والعسكرية لاتخاذ قرار يناسب المستوى المتصاعد للعدوان التشادي على السودان، أو على الأقل يجتمع وزراء الخارجية والدفاع والثقافة والإعلام للتفاكر حول عمل تنسيقي للتعاطي الأمني والإعلامي والدبلوماسي لمواجهة هذا العدوان الغاشم والذي يزداد وتيرته كل يوم. وأنا أفكر في هذا الأمر طوال الرحلة إلى المنزل، عُدت مُنهكاً ومُحبطاً من سلوك حكومتنا الذي فاقت النبي أيوب فى صبره، تجاه دولة تشاد المعادية، ولكن ما أراحني وسهّل عليّ النوم بعض الشئ، هو استماعي لخطاب الفريق أول ركن ياسر العطا فى أم درمان بمناسبة أعياد البلاد بعيد الاستقلال، وكعهده كان واضحاً ومباشراً وجريئاً وواثقاً عن نفسه وعن قواته المسلحة، فلله درّك يا ياسر لك تُرفع القبعات دائماً

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.