مقالات الرأى

عزمي عبد الرازق يكتب … في حضرة الانهيار كان المحافظ غائباً

اختار محافظ البنك المركزي المقال، برعي صديق، أن يكون مجرد موظف في مجلس السيادة، لا قائداً في مؤسسة سيادية بالغة الحساسية، وظنّ أن رضا الرجل الأول كافٍ للبقاء في المنصب، وأن الحماية السياسية والأمنية يمكن أن تغني عن الأداء المهني، فكان للأسف الحلقة الأضعف في جسد الدولة، لدرجة أنه وقف يتفرج على انهيار الجنيه السوداني، وعلى فوضى الأسواق والمضاربات وعمليات التزوير، كأن الأمر لا يعنيه، لم يتحرك حتى بعد أن تحوّل البنك المركزي نفسه إلى مشهد من مشاهد العجز الإداري، وتحول المال العام إلى غنيمةٍ بين أيدي اللصوص والمنسوبين للمليشيا في الداخل والخارج.
كان أمامه أكثر من فرصة شريفة للاستقالة، منذ أن نهب الجنـ.جويد احتياطيات البنوك من العملات الأجنبية والذهب والمعلومات الحساسة، وتدوير الأموال المنهوبة داخل القطاعات المصرفية، وتأخره الكارثي في خفض سقوف التحويلات البنكية.
صبر الرجل طويلاً حتى تخلّصت شبكات التمرد من الأموال المسروقة، ثم رفض فكرة تغيير العملة وقتها، رغم اتساع عمليات التزوير لفئتي الخمسمائة والألف جنيه، في وقتٍ كانت فيه شواهد الانهيار بادية للعيان. والطامة الكبرى— وفقاً للفريق ياسر العطا — أن عناصر من المليشيا كانت ممثلة في مجالس إدارات بعض البنوك المهمة، دون أن يحرك المحافظ ساكناً.
هكذا استمر الرجل في موقعه حتى انتهى الحال بنا وبالبنك المركزي إلى ما يشبه حكاية الجنيه المريض أيضاً “بحمى الضنك” و”الكوليرا”. ومع ذلك، لا ينبغي التراجع عن قرار الدولة باحتكار تصدير الذهب، هذا المورد السيادي الذي يمكن أن يكون طوق النجاة للاقتصاد الوطني.
ينبغي أن يُدار الذهب بعقل الدولة لا بجشع السوق، وأن يُبنى منه احتياطي حقيقي لمواجهة الأزمات والمخاطر المحتملة.
المعركة ضد التهريب وكارتيلات الذهب هي معركة الشعب السوداني، ولا يجب أن تتوقف.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى