مقالات الرأى

ايمن كبوش يكتب … مأساة الفاشر.. متى يستيقظ ضمير العالم.. ؟!

هذه هي حكاية (17 اغسطس من هذا العام).. وتلك هي حكاية (27 اكتوبر 2025).. حيث يقول مستشار الرئيس الأمريكي وصهره اللبناني الأصل، امريكي الجنسية، (مسعد بولس).. (أننا على اطلاع على ما تفعله مليشيا الدعم السريع في الفاشر من انتهاكات، ونتابع ذلك بقلق).. كلام جميل.. !! ثم يأتي (غوتوريش)، الرجل الذي يجلس على رأس المؤسسة الدولية التي لا تعرف شيئا طوال تاريخها غير التعبير عن القلق البالغ (الامم المتحدة)، ليقول: (التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية السودانية تقوِّض جهود السلام).. اي والله.. ! قالها الرجل دون أن يعطينا الوصفة السحرية التي تمنع هذه التدخلات الخارجية.. مع أن الأزمة السودانية، جُلّها خارجية.

هذه المليشيا التي أقامت مهرجانات الدم والانتهاكات في حق المدنيين العزل في الفاشر، كما قامت بقتل الآلاف في ظرف يومٍ واحدٍ فقط، تعرف تماما أن ضمير العالم (ميت).. لولا ذلك لانتفض العالم لما حدث في حق (المساليت) في الجنينة، وادان مقتل والي غرب دارفور الشهيد (خميس ابكر) الذي تم التمثيل بجثته في الشوارع وسط صمت العالم الذي لم يتحرك كذلك لوقف الجرائم في حق الإنسانية بولاية الجزيرة، حيث قتلت المليشيا المدنيين في (ود النورة) بالمئات.. وايضا لم يتحرك العالم الذي لا يُحرك ساكناً الا لتوفير الحماية للمجرمين لافلاتهم من العقاب، هاهو العالم الذي لا يعترف إلا بقانون القوة، يبحث عن إمكانية لإعادة المليشيا المتمردة إلى الحياة السودانية، حكاما من باب السياسة الضيق.

ضمير العالم لا يتحرك، ايها السادة، الا لحماية الأقوياء، كان بمقدورنا أن نكون في الضفة الآمنة التي نحافظ بها على عزتنا وكرامتنا، وألا يكون لنا تفاوض مباشر أو غير مباشر، الا من أجل استسلام العدو المتمرد، واعتراف داعميه الكثر، امريكا وفرنسا وبريطانيا ومشيخة زايد، على تبني هذه الحرب، واستعدادهم لدفع الكلفة، مع أن الدماء التي دفعها الشعب السوداني من رصيد أرواحه وعافيته وممتلكاته الخاصة والعامة، لا يعوض بكل ما تمتلكه مشيخة ابو ظبي من أموال.

سوف تعود الفاشر قوية.. متماسكة.. مثلما كانت طوال عامين من عمر الصمود، ولكن أن امتلكت القيادة الإرادة وقامت بما تتطلبه مثل هذه المواقف، باستنهاض الهمم، وإعلان التعبئة العامة، وتطبيق قوانين الطوارئ، والاتجاه نحو المحاور التي تحترم وجودنا على الكوكب وسيادتنا على ارضنا، وتتعامل معنا بمبدأ المصالح والمنافع المتبادلة، لا تلك التي تنظر اليك من أعلى فتراك صغيرا.. سيعود السودان سيدا مقتدرا.

أعود إلى 17 اغسطس، هذا التاريخ القريب، ويومها كتبت الآتي: (خدعت ماما امريكا النظام السابق.. ولعبت معه لعبتها بسياسة النفس الطويل.. مدت له حبال الامنيات واغرته بما يستحق أن يبذل لأجله ما لا يبذل في سبيل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة جورا وظلما على الشعب السوداني… ولكن في لحظة فاصلة من عمر التاريخ استطاعت امريكا أن تلف الحبل على عنق نظام البشير تم تكسرها، متجاهلة لكل ما تم تقديمه من تنازلات وانبطاحات، إلى أن انتهت الحكاية بفصل الجنوب عن الشمال ولم يحصل النظام على شيء غير الوعود الكذوبة والبروق التي لا يعقبها المطر.. هاهي امريكا تعود من جديد لممارسة ذات اللعبة.. مع تغيير طفيف في اللاعبين، فتجمع البرهان مع المسؤول الأمريكي الرفيع بتسهيل قطري في مفاوضات سرية لم يكشف عن مخرجاتها بشكل رسمي حتى بعد افتضاح أمرها.. قديماً نجحت امريكا في التلاعب بنظام عتيق له من الخبراء والمستشارين والصقور والحمائم ما يملأ مد البصر.. علاوة على وجود حاضنة سياسية متمرسة وخبرات كبيرة وصفوف متراصة باكثر من عدد الاصابع.. ورغم ذلك لم يحصل ذلك النظام على حق ولا باطل من هذه الامريكا.. فما بالكم بحالنا اليوم وحظنا القليل في الخبراء والمستشارين وأهل النصيحة الذين يستطيعون أن يجلسوا في طاولة تفاوض مع أمريكا التي تأتينا دائما وبراءة الاطفال في عينيها.. ونحن للاسف الشديد نصدقها ونمنحها شيك على بياض يؤكد براءتها من الدم السوداني المسفوح على قارعة الطريق.. بينما الضمير العالمي لا يحس ولا يسمع ولا يتكلم، كيف له أن يفعل ذلك ونحن دولة تتخطفها الايادي العابثة.. والقلوب الواجفة لشذاذ الآفاق من بني جلدتنا الذين ادمنوا العمالة والتسكع أمام أبواب السفارات.. من ينتظر حلاً لحرب السودان من لدن امريكا وربايبها.. ابشركم.. سوف ينتظر طويلا.. ولكن رغم ذلك نقول اننا لسنا من دعاة اغلاق الابواب والنوافذ أمام المبادرات، وان كانت غير جادة، يجب أن نتحرك خطوات طالما أن ذلك لن يؤثر على مسار العمليات العسكرية ولا في الايمان القاطع بحسم التمرد في كافة الجبهات.. اخيرا.. امريكا ليست داعية سلام ومحبة.. ولم نعرف لها اي خير في تاريخ البشرية.. اللهم إلا إذا أرادت هذه الدولة التي لا تبالي لأوجاع احد أن تطبق مقولة: أن من بدأ المأساة ينهيها.)

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى