مقالات الرأى

عبدالماجد عبدالحميد يكتب.. من يضع ويراقب أجندة وسياسات إعلامنا الراهن؟.. إعلام جهاز المخابرات.. غياب البدر في الليلة الظلماء!!

■ يشهد الراهن السوداني نشاطًا إعلاميًا كثيفًا تتدفق على رأس كل ثانية من دقاته المحسوبة آلاف الأخبار والمقالات والصور والحكايات، تنقل وتوثق حراك اللحظة التاريخية في السودان بكل تعقيداتها. ومع هذا التدفق المتصل، يجد المتابع أن الفوضى هي سيدة الموقف، إذ يتحرك المحتوى الذي تتداوله المنصات والمجموعات ويتناقله الأفراد من كل طبقات المجتمع بلا ضابط ولا إيقاع. لا تكاد تجد قيودًا على التأليف والنشر والتوزيع. أخبار ومقالات وصور وأحاديث كثيرة بعضها يضرب بقوة في عمق النسيج الاجتماعي، وبعضها الآخر ينخر في جسد وطننا المنهك، وكثيرٌ منها يضرب بقوة في حائط الأمن القومي السوداني الذي لا يجد أحدًا يحذر من الاقتراب منه والتصوير، ناهيك عن نشر أخبار وصور ومعلومات تضر به ضررًا بليغًا يصعب جبره خلال سنواتٍ قادمة.
■ قبل سنوات، كان سفير دولة أوروبية يتباهى بأنه يكتب تقريره اليومي عن المشهد السياسي والأمني والاجتماعي في السودان عقب مطالعته للصحف الورقية في السودان!!واليوم لن يتعب سفير أي دولة أوروبية أو أفريقية وحتى عربية، لن يتعب نفسه كثيرًا عند كتابته لتقرير الأحوال في السودان. يمكن له ذلك وبأدق التفاصيل من خلال جولة ساعة داخل أهم (جروبات الواتس) التي تضم مشاهير المجتمع السوداني من كل ألوان طيفه، مع إضافة نوعية لتقريره عبر جولة عاجلة على حائط الفيسبوك أو أي منصة أخرى، إذ لا قيود على النشر والتداول والنقل! قلت وكتبت قبل سنوات إنني من أشد المتحمسين للرقابة القبلية التي كان يفرضها جهاز الأمن القومي سنواتها علي الصحف الورقية بالسودان !! .. كلّفتني كلماتي هذه ثمناً باهظاً داخل الوسط الصحفي .. ومع ذلك لم أتزعزع قيد أنملة عن موقفي الداعي والداعم للرقابة القبلية الواعية .. وأعني بالرقابة القبلية الواعية تلك التي تضبط إيقاع الحرية الصحفية بحيث لا تتجاوز حدود المسموح به في الحريات الصحفية ومن ذلك أن جهاز الأمن القومي ذات سنة من سنوات الإنقاذ فرض قيوداً علي نشر أخبار حالات اغتصاب الأطفال والتي كانت أهم مصادر توزيع الصحف الكاسدة والتي كانت تتجاوز حدود المسموح به في نشر هذه الأخبار وتنشر قصصاً وحكايات مقززة تجاوزت حد الإبتذال .. ■ومن تلك القيود أيضاً تقييد نشر أخبارإعتداء الأبناء علي آبائهم حيث كانت بعض الصحف تنقل مثل هذه الأخبار وكأنها تنقل بطولات شاب مراهق يضرب من يقابله بقسوة مثل أبطال أفلام الآكشن مفتولي العضلات وممشوقي القوام !!
■ ومن تلك القيود الصارمة علي نشر وتداول الأخبار تقييد نشر أخبار مايدور في حدود السودان من تحركات للجيش السوداني أو أي تحركات لجيوش أخري في المناطق الحدودية ومن ذلك أيضاً التشديد علي ضرورة توخي الدقة والحذر في تداول ونشر الأخبار والمقالات ذات الصلة بخلافات القبائل والمجموعات العرقية…

■ قبل سنوات قليلة، كان إعلام جهاز المخابرات العامة أحد أبرز قواعد صناعة المحتوى وتوجيه الرأي العام، وخاصة في القضايا التي تتطلب حشد مشاعر وطاقات الأمة نحو قضايا واهتمامات مركزية تعزز المصلحة العامة.

■ اليوم، ومن موقع المراقبة والمتابعة، أتساءل: أين إعلام جهاز المخابرات العامة السودانية، وأين إعلام الأجهزة المختصة الأخرى؟ ليس من مراقبة الفوضى الإعلامية التي ترسم وتقود وتوجه الرأي العام السوداني اليوم وحسب، بل أين هذه الأجهزة التي تتوفر لها المعلومات وتملك الخبرات والآليات التي تمكنها ليس من المراقبة والمتابعة فقط، بل أن تقود وتصنع المحتوى الذي يراعي حدود مصلحة البلاد العليا في النشر واللصق والتداول؟!

■ قبل سنوات، كان إعلام جهاز المخابرات العامة يتدخل لمعالجة توترات الوسط الصحفي والإعلامي التي تتسبب بصورة أو بأخرى في تسميم البيئة السياسية والاجتماعية وصرف الأنظار عن قضايا الراهن الأمني والسياسي والعسكري. أليس غريباً أن يقف إعلام جهاز المخابرات العامة بكل تجاربه وعلاقاته المتجذرة في الوسط الصحفي، متفرجاً على ما يُعرض على شاشة المشهد الإعلامي اليوم، حيث تتعالى أصوات الخلاف والتنافر الصحفي وتطغى على الدور الذي ينبغي للإعلام أن يقوم به ويقوده خلال المرحلة الراهنة.
■ لماذا يقف إعلام جهاز المخابرات العامة متفرجًا على المشهد الإعلامي السوداني وكأن الأمر لا يعنيه؟!
■ نواصل الحديث..

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى