مقالات الرأى

ايمن كبوش يكتب … (الناس في شنو ؟ وحراس البوابات في شنو ؟)

اغلب (حراس البوابات) الذين يقفون خلف الأبواب المغلقة في المكاتب الباردة.. يبدو أنهم لا يأبهون كثيرا لتضحيات (حراس بوابات) الوطن الحقيقيين الذين يبذلون الغالي والنفيس من أجل حماية الدولة السودانية من الانهيار.. تحس، من خلال تصرفاتهم، انهم خارج تصورات ما يجري في الميدان من فداء ودماء وأرواح.. يشكلون (عالم موازي) حاشد بالنهب والسلب واشاعة الفساد والمفاسد.. وكأن أمر البلاد لا يعنيهم.

مسؤول رفيع في الدولة بعث لي بالرسالة التالية: (من أكثر ما يؤلمني في واقعنا السوداني اليوم هو هذا التباعد الوجداني الذي يجعلنا نعيش أزماتنا وكأنها تخص بعضنا دون بعض.. حين تنزف مدينة الفاشر أو بارا أو تباد أسرة أو يهجر طفل، يظل جزء منا غارقا في تفاصيل الحياة اليومية كأن شيئا لم يكن.. رأيت صباح اليوم برنامجا تلفزيونيا دينيا على شاشة تلفزيون السودان يناقش هذه المسألة بعمق، وتوقفت عند مشهد مؤلم ذكره الضيف وشاهدته في بورتسودان.. بينما كانت مدينة الفاشر تنزف دما ودموعا، كان آخرون يتابعون الدوريات العالمية لكرة القدم في أندية المشاهدة في عدد من المدن، وكأن الدم السوداني فقد قدرته على تحريك الضمائر.. إنها ليست ظاهرة عابرة، بل أزمة وجدان تحتاج إلى دراسة حقيقية ومعالجة جادة، تبدأ من الفرد وتنتهي بصانع القرار.. وبغير الإحساس المشترك بالألم، لن يكون هناك أمل في شفاء الوطن.. رحم الله شهداءنا، وجبر الله كسر هذا الوطن الجميل.. تسلم وجزاك الله خيرا).

اتفق تماما مع المسؤول الحكومي الرفيع وان كنت اظن، وليس كل الظن اثما، أن أغلبنا يقضي سحابة يومه تحت قبة (الغرض الموِّنسو) وللاسف الشديد أن أغلبنا هذه يقف في صفوفها (مسؤولين).. وحاشية مسؤولين… ومع اتفاقي مع كل ما جاء في الرسالة وقد أراد بها أن يشير إلى مواطنين عاديين.. ولكن ما بال البعض، في الجناب العالي، يرقصون دون أن يغطوا دقونهم.. هناك ممارسات وسلوكيات تصدر عنهم، علنا، ولكن من يحاسب المسؤول ؟ تطلق صفة المسؤول على كل من يقبع في موقع مسؤولية.. وليس بالضرورة أن تكون تصرفاته كلها مسئولة.. داخل الموقع وخارجة.. ومدينة مفضوحة الاسرار مثل العاصمة الإدارية البديلة (بورتسودان)، بلد الشتاء الجميل والغربان الناعقة.. يمكن ان تتصفح فيها سجلات القادمين إلى مساءات الصخب والدناءة بأوامر استثنائية… تبدأ هذه الأوامر من فتح (صالة كبار الزوار) في المطار.. وقبل ذلك تكون هنالك فارهة تنتظر عند سلم الطائرة ترحيبا بمقدم اي (اناء ولغ فيه أكثر من كلب).. يتم استقبال (العاريات بلا حياء) كما وصفهن الشاعر الكبير.. ثم يهمس أحد الحراس في خنوع: (سعادتو منتظرك في العربية).. و(سعادتو ده منو ؟).. اكيد واحد من الوجوه الجديدة التي وجدت نفسها فجأة في البوابات المغلقة والأسوار العالية.. و(العود الما فيهو شق ما بقول طق) كما في عاميتنا السودانية، اذ لا يمكن أن يكون هذا المسؤول، غير المسؤول، شريك أساسي في كل قضايا الفساد المتعلقة بالنساء وتلوكها الألسن في طرقات المدينة…

في بورتسودان الجميلة.. أكثر من (لوسي ارتين) تتحرك كالطاؤوس.. تصحو وتنام في ذلك الفندق الشهير الكبير.. وبدلا من الحديث بما يليق عن القضايا الكبرى وخدمة المشروع، يكون الانخراط في جلسات الشيشة والقطيعة والونسة الماسخة مشاعا.. هناك أكثر من (لوسي ارتين) في حياتنا اليومية، ايها السادة، فيا ترى من هو (ابو غزالة) الذي يصنع (الهيافة) دون أن يجد من يقول له قف.. نحن في حالة حرب.. وهذا الصرف اولى به أسر الشهداء وتجهيز المقاتلين وتوفير أموال الاستخلاف.. لدينا من المشاغل ما يجعلنا نسأل: (الناس في شنو وحراس البوابات في شنو ؟)

نصر الله قواتنا المسلحة السودانية والقوات المشتركة وكل تشكيلات الاسناد الباسلة، على مليشيا آل دقلو الإرهابية في جميع المحاور، والف رحمة ونور على الشهداء، وشفى الله المصابين واعاد غيبة المفقودين.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى