
:: يونيو 2015، كان البشير قد شارك في أعمال القمة الافريقية بجوهانسبرج، ثم عاد ليجد بمطار الخرطوم حشود و فرق الإنشاد الديني والغنائية و الفنون الشعبية و الطرق الصوفية و..و..( العميان شايل المكسر)، ليستقبلوه ..وبغض النظر عن نتائجها، كانت زيارة البشير لجوهانسبيرج في حد ذاتها إنجازاً عظيماً، وكادوا أن يجعلوا عودته من أية زيارة خارجية مناسبة وطنية ذات عُطلة رسمية، بحجة تحدي الجنائية الدولية ..!!
:: ويبدو أن البلاد لم تٌفارق نهج ذاك الزمان ..نعم، نحن في أكتوبر 2025، ولاتزال أخبار وكالة السودان للأنباء من شاكلة : استقبالات حاشدة لرئيس الوزراء كامل إدريس بمطار بورتسودان بعد مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، و اصطفت الحشود الجماهيرية والفرق الغنائية والشعبية على جانبي الطريق لاستقباله رافعة علم السودان واللافتات الترحيبية و.. الكثير من مظاهر التهريج ..!!
:: فالبشير كان يتحدى اوكامبو، وبهذا العُذر كانوا يخدعون أنفسهم والشعب، وبه يحشدون السُذّج والهتيفة في المطار ليستقبلوهم بالتهليل والدموع، بغض النظر عن نتائج الزيارة.. فالتحدي كان عُذراً، ولكن ما عُذر كامل والوفد المنافق له ليخدعوا أنفسهم بحشود المطار؟، يتحدون من؟، وعلى ماذا؟.. سيادته غير ملاحق دولياً، ولايمثل حزباً منافساُ للأحزاب الأخرى، فما تبريرهم لخداع النفس والشعب بحشود الاستقبال ..؟؟
:: لم يكن المشارك الوحيد في إجتماعات الأُمم المتحدة بنيويورك، فالمحفل جمع كل ملوك وأمراء ورؤساء دول الكون، الديمقراطية منها و الشمولية، فلماذا يشذ عنهم جميعاً لإثبات ذاته أو شرعية حكومته بمثل هذا العبث؟.. والسؤال ليس بالتأكيد لرئيس الوزراء، فالرجل مُسيّر لا مٌخيّر، منذ أن رمى نفسه وحكومته في ( شُلة) ليس لأفرادها بلا تجربة ولا خبرة، ليتعلموا فيه والناس والبلد كتعليم الحلاقة على رؤوس اليتامى..!!
:: بدر الدين الجعيفري، كان يعمل ببعثة السودان بجنيف، فجاء به رئيس الوزراء ليكون مستشاراً ، ويُقال أن الجعيفري هو المسؤول عن ملف العلاقات الخارجية للحكومة.. ثم حسين الحفيان، وهو كالرجل رقم صفر الذي لا يعرف حقيقته أحد في سلسلة روايات الأديب المصري محمود سالم ( الشياطين ال 13)، ويقال أن الحفيان يرافق رئيس الوزراء بصفة المبعوث الخاص لسيادته، وهو من أجرى المقابلات والمعاينات لوزراء الحكومة..!!
:: وهناك محمد محمد خير ومصلح نصار، وعرفهما الجميع بالاعلان عنهما في وسائل الإعلام، أي ليسا كالذين يعملون في الخفاء، وحين يسألهم أحد عما يعملون و بأي صفة؟، يغضبون ويُسربون بأنهم متطوعين لخدمة البلاد .. فالبلاد ليست مافيا ليكتنف الغموض سيرة ومناصب مسؤولييها، وليست جمعية خيرية لٌتدار بالتطوع وفضول الأوقات..هذه دولة، ويجب أن تُدار بمؤسسية المؤسسات، والشفافية من أهم عناصر المؤسسية ..!!
:: كيف يُراقب الإعلام ويحاسب الشعب مسؤولاً مجهولاً، وظيفته غير معروفة، كذلك حدود مسؤولياته ؟، وهل هناك دول تُدار شؤوب شعوبها بشخصيات غامضة و مناصب مخفية ثم بدعة التطوع المراد بها الهروب من مسؤولية المساءلة والمحاسبة؟.. فالأمر ليس شخصياً كما قال رئيس الوزراء في مؤتمره الصحفي الأخير، ولكن إحتراماً للدولة السودانية ، فعليه الإعلان عن كل مستشاريه، ليواجهوا الشعب بما يجب عليهم من واجبات ..!!
:: و لو كان لرئيس الوزراء إستشارية تعرف أصول وأبجديات إدارة الدولة، لدعت مجلس الوزراء لإجتماع طارئ، ليس فقط ليطّلعوا على نتائج زيارة نيويورك، بل لمناقشة آثار ومعالجاة الفيضان و حمى الضنك أيضاً، بدلاً عن تجهيز مدرج المطار للتهريج و الطرب مع فرق الفنون الشعبية، وكأن ثلث البلد ليس تحت سلطته، وكأن الذين دمر الفيضان منازلهم ومزارعهم ليسوا من رعيته، أو كأن موتى ومرضى الضنك ليسوا من شعبه ..!!
:: فيما إستقبال الفاتحين وقد عجزوا حتى عن إكمال مجلس وزراء حكومتهم رغم مضي أربعة أشهر عن آداء القسم؟، وفيما إستقبال الفاتحين لحكومة لم تطرح برنامج عمل يٌحاسب عليه، ولم تُناقش خارطة طريق، بل لم تجتمع مجلس وزراءها غير (مرة واحدة)، تعارفوا فيه وإفترقوا ؟.. وقد وعد رئيس الوزراء بمحاسبة الوزراء بعد ثلاثة أشهر، ولكن يُحاسبهم على ماذا؟، وما هي برامج الوزارات ؟، أم هي برامج تستلهم غموضها من غموض المستشارين ..؟؟