
ما ورد بعاليه ما بين قوسين.. هو الذي يجري في مسرح الأحداث السودانية.. أو ان شئتم الدقة.. هو أبرز ما فيها.. (أو نطفيها).. لا المسيّرات ولا صراع (القونات).. ولا حتى حتمية استرداد مدينة النهود العزيزة…. !
على ايام الانكسارات المزلزلة والاخبار المجلجلة عن سقوط المدن تباعا تحت اقدام وبنادق ورباعيات مليشيا الدعم السريع.. كانت الجبهة الداخلية، ولله الحمد، أكثر تماسكاً وثباتاً من هذه الأيام التي توالت فيها انتصارات الجيش بنسق متصاعدٍ بدأ من جنوب النيل الازرق… وصولا إلى عاصمة البلاد واجزاء كبيرة من كردفان.. ولكن للاسف الشديد، بعد هذه الانتصارات العظيمة.. بدأ التضعضع داخل الحكومة وطارت العصافير بأحاديث الفساد وصراع القوى.. ثم ظهرت الأطماع وزادت الخطب المطلبية بصورة متسارعة حتى حسبنا أن بعض شركاء القتال قد تحولوا جميعا في لحظات شهوة سلطوية.. إلى ظاهرة اسمها (الفريق شيبة ضرار).. وهو رجل لمن لا يعرفونه يقود حركة مطلبية من خمسة ستة انفار في شرق السودان وما أن يجد مجالا للحديث، يمد قرعته مطالبا بالحقوق سواء من الرئيس البرهان أو من الحركات الدارفورية.
واحدة من السلبيات التي بدأت في الظهور الان.. هي أن الانتصارات تظهر (العورات) وتُبيّن العوار الذي بُنيت عليه تشكيلات الميدان.. لذلك لم تعد الجبهة الداخلية متماسكة كما السابق.. والمطالب السرية والعلنية تتوالى على الحكومة في بورتسودان… والان يجلس أحدهم خالفاً رجل على أخرى مطالباً بتعيينه والياً على ولاية الجزيرة، لانه ليس أقل من (دكتور) جبريل ولا مناوي ولا مصطفى تمبور.. ولا يريد أن يتحدث عن عبد الله يحيى ولا صلاح الدين آدم تور (صلاح رصاص).. واضاف أنه ساهم بفعالية في التحرير.. بينما مازالت حركات دارفور تمتلك مساحة صغيرة من الأرض.. وهذا لم يعف قادتها من المناصب الكبيرة من السيادي ثم وزارة المالية إلى حاكم إقليم إلى وال لوسط دارفور.. !
الثابت في الامر، عزيزي القارئ، أن المسرحية السمجة وهرجلة المنابر وخلف الأرجل في مكاتب المسؤولين لم تبدأ في بورتسودان، بل بدأت من هناك أثناء تلك الفعالية الصاخبة التي طار فيها الحديث (المن غير لازمة)… وهذا ما ينبغي أن يُبصر القيادة العليا بأنها تساهم حاليا في صناعة (عبد الرحيم دقلو) جديد… بذات الصفات وعدم المفهومية، علما بأن الذين يعرّفون (قائد ثان الهوان والجهل) بأنه كان مجرد عامل في طاحونه، يجهلون كذلك أن هذا هو اشرف ما في سيرته الذاتية، تماما مثل هذا الذي يهرف بما لا يعرف ولا يوجد في سيرته ما يشرّف غير أنه كان عاملا في مخبز الفنان الكبير ود البنا بحي الجريف غرب بالخرطوم.. وقتها كان أقرانه ومن هم في سنه يذهبون إلى المدارس والجامعات.
اخيرا اقول.. هذا هو قدر هذه البلاد التي يريد بعض الجهلاء اختطافها والسيطرة عليها ظناً منهم أنهم يمسكون الدولة من اليد التي توجعها.. وهم واهمون.. نعلم أن ما يجري هو تهديد بالتمرد أو ايقاف القتال لصالح الدولة بدعاو جديدة وشعارات حديثة تقول: (يا فيها يا نطفيها) و…. (الجزيرة ما فيها حكومة)… أو كما قال.