التقارير والحوارات

هل تتفق تيارات حزب الأمة السوداني بعد لقاء رئيس الوزراء؟

تابعنا على واتساب

النور أحمد النور – وكالات – اليوم نيوز – في خطوة مفاجئة، استقبل رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس وفدا من حزب الأمة القومي المعارض برئاسة رئيس التنظيم المكلف محمد عبد الله الدومة، إذ شدد إدريس على أهمية التشاور وتبادل النصح مع القوى السياسية، من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والمجتمعي والمعيشي.

لكن هذا اللقاء يأتي في وقت يشهد فيه الحزب أزمة تنظيمية منذ حل تحالف القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” في فبراير/شباط الماضي، بعد أن ساند رئيسه المكلّف السابق فضل برمة ناصر اتجاه قوات الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية، وشارك مع مجموعة من قيادات الحزب بعد ذلك في المؤتمر الذي أنشأ تحالف السودان التأسيسي “تأسيس” الذي اختار لاحقا قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو رئيسا له.

وفي فبراير/شباط الماضي، أعلنت مؤسسة الرئاسة -وهي هيئة جماعية نشأت عقب وفاة زعيم الحزب الصادق المهدي لإدارة شؤونه مؤقتا- سحب تكليف فضل الله برمة ناصر من منصب الرئيس المكلف، وتعيين محمد عبد الله الدومة بدلا منه، لكن التيار المؤيد لناصر رفض القرار، معتبرا أن المؤسسة جسم استشاري لا يملك صلاحيات تنفيذية، وأن الجهة الوحيدة المخوّلة بعزل الرئيس هي المؤتمر العام.

كما أن هناك تيارا آخر في حزب الأمة، إذ يشارك الأمين العام للحزب الواثق البرير في التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” برئاسة عبد الله حمدوك، ويشغل القيادي في الحزب صديق الصادق المهدي منصب الأمين العام في التحالف.

ويعتقد مراقبون أن هذه التطورات ستفاقم الخلافات داخل الحزب، الذي ظل في حال اضطراب منذ رحيل زعيمه الصادق المهدي في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

الحل بالتوافق
من جانبه قال حزب الأمة في بيان إن اللقاء مع رئيس الوزراء شارك فيه الدومة ونوابه ومساعدوه ورؤساء الحزب بالولايات، وعدد من قيادات المرأة والشباب والمهنيين، وناقش مستجدات الوضع السياسي والإنساني وبحث سبل الخروج من الأزمة الراهنة.

وأكد البيان أن حزب الأمة يدعم مؤسسات الدولة الوطنية ويعتبر الحفاظ على كيانها ووحدتها أولوية قصوى، وشدد على ضرورة وقف الحرب وإنهاء معاناة المواطنين عبر حل سياسي شامل، ورأى أن المخرج من الأزمة بمشروع وطني جامع.

ونقلت وكالة السودان للأنباء أن إدريس رحب بمبادرة حزب الأمة لتوحيد الصف الوطني، ونافش مع وفد الحزب كيفية تحقيق الاستقرار خلال الفترة الانتقالية، وقال إن مستقبل البلاد يبنى عبر التوافق والعدالة والشراكة بين جميع أبناء الوطن.

رئيس الوزراء كامل ادريس يستقبل قيادات حزب الامة القومي برئاسة الرئيس المكلف للحزب محمد عبد الله الدومة وكالة سونا للانباء
إدريس شدد خلال اللقاء على أهمية التشاور وتبادل النصح مع القوى السياسية (وكالات)
انقلاب ناعم
في المقابل، وجه رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي محمد المهدي حسن، انتقادات لمؤسسة الرئاسة التي يتزعمها الدومة، ووصف في بيان “ما جرى في بورتسودان بأنه يمثل انقلابا ناعما على مؤسسات الحزب الشرعية، ومحاولة لانتحال صفة القيادة”، محذرا من إنشاء مركز بديل خارج الأطر المؤسسية للحزب.

وأضاف أن “كل من شارك أو أدار هذا التحرك الانقسامي سيُعرض نفسه للمساءلة التنظيمية، وسيتم فتح تحقيق داخلي عاجل وفقا للوائح الحزب”.

وفي تطور آخر، رأس برمة ناصر، اليوم الأربعاء، اجتماعا لمجلس التنسيق في حزب الأمة، وأقر في بيان له عدم شرعية لقاء قيادات الحزب الذي عُقد بمدينة بورتسودان، واعتبره خروجا عن مبادئ الحزب وقيمه وإرثه، وقال إن مخرجات اللقاء لا تمثل موقف الحزب أو مؤسساته الدستورية.

ودان المجلس النهج الذي تسلكه الحكومة، وقال إنها تكرّر ممارسات نظام “الإنقاذ” السابق بالتسلّط والفساد وتفتيت القوى السياسية، متستّرة بواجهات مدنية لتمكين سلطة انقلابية فاقدة للشرعية.

وفي خطوة تصعيدية، أعلنت المجموعة المساندة للدومة، في ختام اجتماع في بورتسودان، تأييدها الكامل لقرار مؤسسة الرئاسة الصادر في 24 فبراير/شباط الماضي، الذي أنهى تكليف فضل الله برمة ناصر، وعين الدومة رئيسا مكلفا للحزب.

وأبدى المجتمعون حسب قيادات تحدثت للجزيرة نت دعمهم لتوجهات مؤسسة الرئاسة، بما في ذلك موقفها المؤيد لتعيين كامل إدريس رئيسا لمجلس الوزراء، مؤكدين رفضهم لأي وصاية على قراراته التنفيذية.

كما انتقدوا بيان رئيس المكتب السياسي وقالوا إنه يمثل موقف ناصر ومجموعته، وإن المكتب لم يجتمع منذ فترة طويلة ولم يفوض أحدا للحديث نيابة عنه.

استقطاب جهوي
ويرى الباحث والمحلل السياسي محمد علاء الدين أن هناك استقطابا وخلافات في حزب الأمة منذ وفاة الصادق المهدي قبل نحو 5 سنوات، وحسب النظام الداخلي للحزب فإن الرئيس المكلف ينبغي ألا يستمر أكثر من عام، إلى حين عقد مؤتمر لانتخاب رئيس جديد للحزب، وهذا لم يحدث.

ويوضح الباحث للجزيرة نت أن رؤساء الحزب بالولايات انتقدوا قبل الحرب الأمين العام، واتهموه باختطاف الحزب، وبرزت تيارات عدة في الحزب لم تستطع مؤسساته حسمها، وهذا فاقم الأوضاع وعزز الصراعات، كما قادت مجموعة إحدى التيارات لسحب الحزب من تحالف “تقدم” باعتباره أكبر فصائله، واتهمت التحالف بتهميشها.

وحسب المتحدث فإن الصراع الحالي في الحزب له أبعاد جهوية وإثنية، حيث ينحدر برمة ناصر والقيادات التي تسانده من مكونات اجتماعية ينخرط قطاع كبير من أبنائها في صفوف قوات الدعم السريع، بينما كان الدومة حاكما على ولاية غرب دارفور التي اتهمت القوات بارتكاب إبادة جماعية بحق كيان قبلي مؤثر هناك ينتسب له.

ورجح الباحث أن ينقسم الحزب -في حال اجتماع مؤسساته- في ظل الوضع الحالي، متوقعا استمرار النزاعات الداخلية حتى وقف الحرب وتغير المشهد السياسي.

أما أستاذ العلوم السياسية خالد إسماعيل، فيرى أن غياب الصادق المهدي بعد أكثر من 40 عاما من زعامته للحزب، وعدم وجود قيادة بمؤهلاته وخبراته ورمزيته أدت إلى هزة بحزب الأمة، وصار في حالة سيولة، وما يشهده حاليا هو بسبب ضعف القيادة وتعدد مراكز النفوذ.

ويعتقد إسماعيل في حديث للجزيرة نت أن حل أزمة الحزب تكمن في عقد مؤتمر عام لانتخاب قيادة جديدة، والتراضي عليها من المكونات الاجتماعية والجهوية، وتوزيع المناصب القيادية بتوازن دقيق حسب تقاليد الحزب المتوارثة منذ نشأته.

المصدر: الجزيرة

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى