قلت له: فتح مقالنا الفائت: (مباراة اعتزال لرموز وكهول المؤتمر الوطني)، الكثير من مغاليق الجراح عند البعض، ولكن المفاجأة الحقيقية كانت في ردود أفعال بعض معارضي المؤتمر الوطني طوال سنوات حكمه، حيث تحسروا على تلك الفترة، وقالوا بالدرب العديل: (حليل عمر البشير)، فقد رحل عن السلطة والدولار الأمريكي ب48 جنيه سوداني، إضافة إلى نعمة الامن التي لم تكن حكومة البشير تلعب فيها.. ولكن من الذي قال ذلك في هذه اللحظة الفارقة التي ابتلع فيها (حبوب الصراحة).. من ؟!.
أما اغلبية أهل المؤتمر الوطني الذين تواصلوا معي بشكل خاص، لم يختلفوا معي في الطرح وقالوا صراحة إن المرحلة القادمة هي مرحلة الشباب، ولا بأس في أن تصبح القيادات القديمة، مرجعية و(بيت الشوري الذي لا يخرب).
الشيخ (احمد عبد القادر) المصرفي المعروف والوزير والمعتمد في عهد المؤتمر الوطني، كتب الآتي: (بدأ الصراع في المؤتمر الوطني عندما اعلن البعض ترشيح الرئيس لدورة 2020 ورفضها البعض باعتبار ان الدستور لا يتيح له ذلك، وانقسمت الشوري القومية وبدأ الصراع وبدأت نهاية المؤتمر الوطني.. والقيادات المعروفة هذه بدأت العمل السياسي منذ 89 ما بين محافظين ووزراء وقيادات في الحزب وليس من المعقول والمقبول استمرارهم في عهد اختلف فيه كل شيء، يمكن أن يكونوا شيوخا للحركة الاسلامية وليسوا حكاما.. الحمد لله التيار الاسلامي اصبح تيار جماهيري واعتقد ان ذلك يحسب لهم. الحركه الاسلامية تمتلك شباب مؤهل وقادر على تحمل المسئولية وتم اعداده لذلك.
أما الاخ المهندس (رامي كمال الدين) فقد قال: (ساعقب على عمودك في نقطتين، الأولى: انحياز العسكريين إلى مؤسساتهم.. اتذكر أنه قد دار نقاش بيني وجار وصديق وأخ، وذلك عندما زار النائب الأول للرئيس ووزير الدفاع بن عوف منطقة جبل أولياء العسكرية في شهر ديسمبر 2018 وخاطب العساكر في تنويره لهم وأجاب على سؤال لاحد العساكر: (الجيش مع منو؟) فكان رد بن عوف: (الجيش مع البوفر الوقود والخبز للمواطن).. فقلت لجاري، هذا التصريح، تصريح علني لانقلاب الجيش على السلطة الحاكمة وسوف يستلم الجيش السلطة.. وللأسف كثير من الناس ما متخيلين بأن الجيش سوف ينقلب على البشير وهذا لسببين: الأول انحياز البشير للمؤسسة العسكرية وخطابه المشهور في المدفعية عطبرة عندما قال: (المزيكا لو دقت كل فأر بخش حجره) وهذه كانت رسالة في بريد كل العساكر بمعنى انا منكم وفيكم مصيرنا واحد ويا ناس المؤتمر الوطني اعملوا حسابكم.. ثانياً البعض الآخر يرى بأن الجيش يسيطر عليه الإسلاميين بسبب التمكين الذي جرى خلال 30 عاما ومن المستحيل أن ينقلب الجيش على النظام الحاكم.. ولكن فات عليهم بأن الجيش مؤسسة إذا خير منسوبيها بين انتماءاتهم قبل اللحاق بها او المؤسسة نفسها فالغالب يختار المؤسسة.. الثاني: يبدو ان قيادة المؤتمر الوطني تريد إعادة الصراع حول مراكز القوى قبل سقوط البشير إلى المشهد الحالي ولم تغير الحرب والأحداث منذ 15 أبريل 2023 في شيء.. وأعتقد المستفيد الأكبر من خلافات الإسلاميين وصراعهم حول مراكز القوى هو الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام لان وحدة الإسلاميين تشكل خطر على تطلعاته وطموحاته في السلطة.. على العموم يجب على قيادة المؤتمر الوطني افساح المجال إلى الشباب لقيادة المرحلة القادمة والقيادة السابقة تكون مرجعية داخل مؤسساتهم الحزبية.. هذه الحرب افرزت قيادات شابة قوية مثلما افرزت حرب الجنوب قيادات شابة وقوية وقتها.
هذه بعض ردود الافعال، واهمها ما جاء على لسان الاخ (محمد سيد احمد الجكومي)، الذي بدأت هذا المقال بما جاء على لسانه: (يا حليل عمر البشير) وهو رجل يبدو متصالحا مع نفسه، ولكنه اكثر الذين يكيدون للإسلاميين سرا في اضابير السلطة الحاكمة حاليا.
اخيرا.. هناك واقع جديد يتشكل ينبغي أن يتعامل معه حزب المؤتمر الوطني بالجدية التي تشبه المرحلة.
