
(الامور تزداد سوءاً).. تحت هذا العنوان الصادم، استمعنا لإفادات موجعة من عددٍ كبيرٍ من السودانيين الذين كانوا يعبِّرون عن معاناة آلاف الأسر السودانية التي لجأت إلى تلك الجارة الشقيقة ليبيا بسبب الحرب في السودان، الجديد والمتجدد في كتاب المعاناة هو القرار الذي أصدرته وزارة التربية والتعليم الليبية ومترتباته التي تُلقي بظلالٍ سالبةٍ وتزيد من مخاوف أولياء الامور، القرار الجديد يشترط وجود إقامة سارية المفعول لمدة عام كامل حتى يتسنى للطلاب الأجانب التسجيل في المدارس الحكومية والخاصة.. علما بأن القرار دخل عملياً حيز التنفيذ منذ بداية هذا الأسبوع الذي يوافق انطلاقة العام الدراسي الجديد، أولياء الأمور في حقيقة الأمر، عاجزون عن تقديم التعهد المكتوب الذي يؤكدون به قدرتهم على استكمال إجراءات الإقامة خلال ثلاثة أشهر، كما طلبت السلطات، وإلا سيتعرض الطلاب للمنع من التسجيل وحرمانهم من مواصلة الدراسة.. صراحة ضربات كثيرة متتالية تتنزل على رؤوس السودانيين البسطاء، تزيد من اوجاعهم وتكشف بؤس أوضاعهم بتحمل تكاليف أخرى لا تنتهي تتمثل في استخراج جوازات السفر، ورسوم الإقامة المرتفعة جداً أمام شح مداخيلهم (العدم) ولا تتناسب مطلقاً مع قدراتهم المادية الشحيحة، تصل تكلفة جواز السفر السوداني للكبار إلى 1350 ديناراً ليبياً (ما يعادل 750 ألف جنيه سوداني)، وللأطفال 650 دينار (300 ألف جنيه سوداني)، في حين تصل رسوم الإقامة إلى أكثر من 2500 دينار للشخص الواحد، إضافة إلى الغرامات والضرائب المتراكمة على المخالفات والتي التي تجعل عملية التسجيل شبه مستحيلة لمعظم الأسر السودانية التي تقطعت باغلبها السُبل ولا توجد أمامهم أدنى بارقة أمل.. بينما تضرب السفارة السودانية (الطناش)، كالعادة، وكأن أمر السودانيين لا يعنيها، عطفاً إلى أن سفارتنا، أعزها الله، مازالت تتباطأ في تنفيذ مشروع العودة الطوعية أسوة بما ظل يحدث للسودانيين في بعض الدول مثل مصر وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية.. تم الإعلان عن التسجيل في ليبيا ومازالت الاجراءات عبارة عن خطوة.. اتنين.. مستحيل.. !
أعود وأقول إن الأحوال تغيرت كليا بعد أن تراجعت السلطات الليبية عن قرارها السابق القاضي بمعاملة السودانيين، معاملة الليبين، خاصة في الحصول على التعليم علما بان عدد الطلاب السودانيين في المدارس الليبية، حكومية على خاصة، يفوق ثلاثة آلاف طالباً، موزعين في مدن طرابلس ومصراتة وسبها وأجدابيا وبنغازي والكفرة.. كانت المعاملة المتساوية تخفف الكثير من أوجاع الحرب والنزوح وغياب السند، إلا أن التراجع في هذا العام، مرد بعض الضغوط الشعبية، كما أكد لنا بعض المتواصلين معنا بخصوص هذا الملف الحساس، أثار أزمة جديدة اضطرت بموجبها السلطات الليبية على التراجع والانحناء للعاصفة.. وما من عاصفة أشد على السودانيين، ايها السادة، أكثر من قِلِة حيلتهم وهوانهم على الناس، بدليل أن المدارس التي يطلق عليها (المدارس السودانية)، ذات عدد قليل جدا، حيث تقول المصادر انها لا تتجاوز الخمس، في طرابلس، مصراتة، سبها وأجدابيا وبنغازي.
أمام هذه الأوضاع الصادمة والاعاصير، نحن نطالب السفارة السودانية في ليبيا وقنصليتها النائمة، بالتحرك والاحساس بمعاناة السودانيين والقيام بمسؤولياتها، نحن نعرف ضيق يدها أمام معاناة المدارس ولا تملك ما تقدمه للناس حتى الكلمة الطيبة وبخور الباطن، ولكن أضعف الإيمان هو تحركها في مشروع العودة الطوعية، عليها استنفار العديد من الجهات والمؤسسات التي تملك الكثير من القنوات لتجسير العودة، ودونكم (منظومة الصناعات الدفاعية) بقيادة ربانها الماهر ومديرها العام سعادة الفريق أول ركن (ميرغني ادريس سليمان) وأركان حربه وسلمه وبلدوزرات المنظومة، أبرزهم واشطرهم في هذا الجانب، الشاعرة الدكتورة (أميمة عبد الله) التي قدمت كتابها بيمنها في مشروع العودة الطوعية من القاهرة إلى مدن السودان المختلفة، لابد من توفر الإرادة والمسؤولية تجاه اهلنا السودانيين يا أفراد طاقم سفارتنا في ليبيا، تذكروا (يوم يسألكم الله).
فيء اخير
نسأل الله الشفاء العاجل، صحة وعافية لزميلنا الاستاذ الكبير (يوسف عبد المنان)، احد كتاب صحيفة (الكرامة) المداومين على التحبير وتمام الحضور ولكن فرضت عليه (حمى الضنك) اللعينة غيابا إجبارياً هو جزء من ضريبة واجبة السداد للبقاء في الخرطوم.. اجر وعافية إن شاء الله يا استاذ.