مقالات الرأى

ضياءالدين سليمان يكتب .. سعد بابكر وظلم المليشيا

من فوائد الحرب على السودانيين إنها كشفت كل الأسرار والخبايا التي كانت خافية عن الدعم السريع فكلما مرت الايام اكتشف الناس الوجه الكالح للمليشيا التي كانت تستغل سلطتها ونفوذها كون ان قائدها هو الرجل الثاني في الدولة في تصفية حساباتها وازلال كل من يُظهر تنافساً في المساحات التي تتمدد فيها.

قصص وحكاوي صادمة ما كان للسودانيين ان يعرفوها لولا اندلاع الحرب التي أظهرت حقيقة الجنجويد الذين كانوا يتدثرون خلف السلطة ويستخدمونها في وتحقيق اغراضهم في ظلم الناس فالانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها عصابة ال دقلو خلال سنوات الحرب لم تكن حدثاً عابرًا ولا اخطاءاً فردية بل هي سلوك ممنهج واسلوب حياة وعقيدة راسخة في يوميات حياتهم وما قصة إعتقال سعد بابكر مدير شركة تاركو للطيران الا نموذج شاخص ومرآة فاضحة تعكس طبيعة الممارسات التي كانت تنتهجها مليشيا الدعم السريع ضد من يمثل رمزًا للنجاح الوطني والاستقلال المهني.

اعتقلت المليشيا أبان تواجدها في السلطة قبل أن تتمرد عليها الاستاذ سعد بابكر بأوامر من عبدالرحيم دقلو قائد ثاني الدعم السريع شخصياً وممارسة ضغط عنيف عليه لدفعه نحو التنازل عن الشركة التي تعتبر احد أكبر الشركات العاملة في مجال الطيران وهي وحدها رواية تكشفت أوراقها خلال الأيام الماضية بعد حديث ومعلومات أدلى بها الصحفي مهند الشيخ لتؤكد بأن الظلم لدى الدعم السريع لم يعد استثناءً، بل صار نهجًا يوميًا يمارس بوقاحة كاملة ودون أي خوف من حساب ودليل لجريمة مكتملة الأركان، تعكس جوهر هذه المليشيا إذلال الإنسان السوداني وكسر كل من له قيمة أو مكانة.

سعد بابكر الذي إعتقلته المليشيا ظلماً وبرأته ساحات المحاكم لاحقاً لم يكن مقاتلًا، ولا سياسيًا، ولا صاحب قوة مضادة بل كان رجلًا ناجحًا، رمزًا لقطاع وطني حاول الصمود وسط الفوضى. وهذا وحده، في قاموس الدعم السريع، جريمة لا تُغتفر. فالمليشيا لا تحتمل النجاح خارج قبضتها، ولا تقبل بوجود شخص محترم لا يدين لها بالولاء ولا يمر عبر بوابة الإذعان.

لم يكتفِ عبدالرحيم دقلو بسجن وتعذيب سعد بابكر فقط بل اجبر إدارة السجن على تسكينه مع المجرمين أصحاب المادة 130 ثم إجباره على مسح وتنظيف الحمّامات، في تصرف مهين ومقصود يهدف إلى تحطيم الكرامة الإنسانية بأقذر الطرق بأن يُجبر رجل في مكانة سعد على هذا الإذلال،

الأثر النفسي لما تعرّض له سعد بابكر لا يمكن اختزاله في “معاناة شخصية” كما لا يمكن تجاوزه لان الأمر تعدي سعد في نفسه وأسرته وابناءه وأهله إلى مؤسسته التي يجلس على كرسي رئاستها فالإذلال الممنهج يدمّر الإنسان من الداخل، يتركه محمّلًا بصدمة، وجرح كرامة، وإحساس دائم بالاستباحة علاوة على ان الاذى الجسيم الذي تعرض جسد سعد ما تسبب له في أمراض الضغط والسكري وامراض القلب التي جعلته يخضع لعملية جراحية معقدة بدولة الأردن.

إن ما فعلته مليشيا الدعم السريع بسعد بابكر يعرّي كذب شعاراتها، ويفضح طبيعتها الحقيقية كقوة قائمة على القمع، لا مشروع لها سوى السيطرة عبر الإذلال فقضية سعد بابكر ليست مجرد قصة ظلم، بل وثيقة إدانة أخلاقية وسياسية لمليشيا لا تعرف غير السوط والسجن والمهانة والسكوت عنها خيانة للكرامة السودانية.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى