
اغدق علينا العيد الذى انصرم فرحا جافانا سنين عددا، وخصنا بنفحات تكرفنا عبيرها عبقا سودانيا مازال يسكرنا لانه خرج منسلا من مشاعر وطنية خالصة جعلتنا نحتفي بانتصار الجيش وتحريره للخرطوم وعيد الفطر ، العيد الذى أمضيناه ونحن فى حمد وشكرا لله انه جاء “بدون جنجويد”…
من حقنا ان نفرح دون افراط، وان نستبشر بما تحقق، ونحن نتلهف لرؤية سوداننا معافى من سرطان الجنجويد، ولكن علينا ان نتذكر ان المعركة لم تنته بعد ، وان تحرير الخرطوم لايعني نهاية المليشيا، التى تسعى للتتخلق فى اطوار جديدة حتى تعود مرة اخرى، بعد ان جرعها الجيش الباسل الهزيمة تلو الاخرى…
مازالت جيوب التمرد موجودة فى الخرطوم والجزيرة ، وما انفك قناصوها يحصدون ارواح الشعب السوداني فى مناطق عديدة، لذا فان الشعور الذى يتملكني انا استعجلنا الفرح الاكبر، وقد خلت ايام عيدنا من اخبار الانتصارات الكبيرة لان بعضنا رفع الاصبع عن الزناد، والقدم من “الابنص”، فتاخر النصر فى مناطق كان الاجدى ان تعجل بتحريرها وتنظيفها بالاستفادة من فورة الانتصارات العظيمة التى تحققت فى رمضان…
لا اريد أن اذكركم حينما
خالف الرُّماة أمر النبي – عليه الصلاة السلام- فى غزوة احد ونزلوا عن الجبل، استغلَّ خالد بن الوليد ذلك، وكان حينئذ قائداً في جيوش المشركين، فالتفّ من وراء المسلمين وقتل عبد الله بن جبير قائد الرماة ومن معه، وجاء على المسلمين فرمى النِّبال على ظهورهم، وعاد المشركون للقتال.
ولاتبدو المقارنة متكاملة الا من باب رغبتي فى ان يظل كل فى مكانه حتى نهاية المعركة واعلان الانتصار الاخير.
ما اراه الان ان التماسك والتاهب الوطني فى التعامل مع المليشيا لم يعد مثل ماكان، وان التفاعل الشعبي بالاحداث ويوميات الحرب قل عن ذى قبل، ولم تعد الانتصارات والفتوحات بذات الالق والالتفاف.
عدد كبير من المسؤولين فى الدولة غادروا البلاد ، ومن حقهم الاحتفال بالعيد بعد طول غياب عن اهليهم، ولكن تمنيت ايجاد معادلة توازن بين حقهم فى قضاء الاعياد وحق الوطن ليس من قبيل استشعار الخطر فحسب وانما منعا لاشعار المواطنين بان المعركة قد انتهت او خف اوارها مما يستلزم حرص الجميع على عدم وضع لامة الحرب حتى فناء اخر مرتزق فى المليشيا المتمردة..
مازالت قواتنا تحتاج الي وقفة الشعب فالاجدى ان لانغرق فى الافراح لان بلادنا مازالت مهددة، والاوفق ان لايترك احدنا موقعه حتى ينجلي غبار المعركة، والمهم ان نعيش حالة الحرب حتى يكتب الله لنا السلام الدائم..
التجمعات والاحتفالات لابد ان تكون بحذر فالمسيرات مازالت تحوم، والاستهداف وارد، وقد افزعتني الكثير من التجمعات خلال العيد والتى لم يصاحبها الحس الامنى المطلوب..
المسيرات مازالت تعبر الاجواء من مكان لاخر،وهو امر يقتضى ان يتعامل معه المواطنون بالحذر اللازم وتوليه الجهات المختصة الاهتمام المطلوب..
مازالت المعركة طويلة خاصة وان دارفور تنتظر، ومالم يرفع الحصار عن الفاشر فان معادلة الامن لن تتحقق فى بلدى لان المعركة تبدأ من هناك .. والمتمرد الجاهل عبدالرحيم دقلو قائد ثاني الدعم السريع مازال سادرا فى غيه وصلاله وتضليله يهدد ويتوعد، مع انه كذاب اشر مصاب بالاضطراب العقلي والنفسي ومنهار يلتمس النجاة فى الصحاري..
لاتغادروا اماكنكم ايها الرماة..
فالمعركة مازالت طويلة… ولم تنته بعد..