
تحسين أوضاع جنود القوات المسلحة، مبادرة او نداء نضعه فى بريد القائد العام رئيس مجلس السيادة، الفريق اول عبدالفتاح البرهان ، والفريق أول ركن محمد عثمان الحسين رئيس هيئة الأركان، حتى يرد الوطن القليل لهؤلاء البواسل وهم ينافحون دفاعا عن عزة وكرامة وسيادة الشعب ويحافظون على بقاء الدولة التى تنتاشها المؤامرات من كل جانب.
لايكاد يخلو بيت او قل اسرة سودانية من وجود منتسب للجيش، فالقوات المسلحة ظلت حاضرة فى حياتنا بعنفوان وجودها فى اشراقات النصر ومكامن التحرر وحين البأس، ويعلم الجميع ان هؤلاء البواسل يعملون برواتب ضيئلة لا تتناسب مع تضحياتهم العظيمة وهم يمتهنون الموت، ويقدمون ارواحهم رخيصة فداء للوطن وشعبه الذى ظل يجدهم (فى الحارة)، رغم ما يعايشونه من احوال مزرية، واوضاع مادية متردية، جعلت من الجندي افقر خلق الله،وختمت علي حياته بالشقاء ومكابدة شظف العيش رغم امتهانه الموت..
فى ذاكرة الناس حتى يومنا هذا ترن اوجاع القصة المأساوية التى حدثت لاسرة جندي يرابط حماية ل(سور المدرعات) فى ايام الحرب الاولى ، بينما اسقف بيته المتهالكة تنهار على كامل اسرته بسبب الخريف فتفيض ارواح الزوجة والابناء .
وفي الذاكرة من قضوا نحبهم بسبب قلة الزاد وصعوبة العلاج من ذوى الجنود المنتشرين فى كل بقعة بالسودان، يكابدون الفقر والفاقة…
بعض الذى رسم صورة ذهنية يائسة فى اذهان السودانيين ترجح كفة الحرب لصالح المليشيا فى بداية اندلاع الحرب، كانت المقارنة بين افراد القوات المسلحة فى ارتكازات الجيش وبين الجنجويد، اذكر كيف كانت روايات المواطنين تتحدث عن افراد الجيش الذين يدافعون عن الوطن ببطون خاوية، ينتعلون ” السفنجات” ، ويرتدون ( الفنائل الداخلية” المهترئة، ويحملون العصي فى الارتكازات ..
فى الجانب الاخر راينا كيف كانت هيئة المتمردون الاوغاد وبماذا كانوا يتسلحون، وكم تبلغ رواتبهم مقابل ما يتلقاه الجندي السوداني، من “ملاليم” لاتسمن ولا تغني من جوع..
وزير الدفاع الفريق يسن ابراهيم حدثني حينما استقبل “وفد الكرامة” بمكتبه فى بورتسودان قبل شهرين ان الميزانية الجديدة للدولة اقرت زيادة رواتب منسوبي القوات المسلحة، وحينما استفسرت عن الامر من مظان اخرى تاكد لي انها زيادة لاتساوي او توازي حجم التضحيات التى قدمها بواسل الجيش فى معركة الكرامة، وظلوا يقدمونها منذ نشاة الجيش قبل مئة عام.
قيمة مرتبات العسكريين فى السودان مضحكة ومخجلة ولن افصل من باب منع الاحباط ، لكن هل تعلمون ان مرتب (اللواء! فى القوات المسلحة لا يتجاوز ال 300 الف جنيه، 6 الاف جنيه مصري اظنها اكثر من المئة دولار بقليل، ناهيك عن ما تجده الرتب الاخرى والجنود المسحوقون الذين يرابطون ليل نهار فى ثغور الوطن، ويحاربون كذلك فى جبهات تامين ارزاق الاسر وتعليم الابناء، وتوفير استحقات الاكل والشرب والعلاج وفواتير الحياة التى لاتنتهي..
اغدقنا الكثير من الثناء على الجيش، ومازال لساننا يلهج بحديث التمجيد والاطراء والعرفان لمنسوبي القوات المسلحة الذين فدوا الوطن باعز ما يملك الانسان ( الروح) ، ولكن يظل مثل هذا الثناء وان كان مطلوبا (طق حنك وكلام خير وايمان)، مالم يكن مشفوعا بافعال حقيقية تتبناها الدولة وتجعل من رواتب افراد القوات المسلحة هي الاعلي فى الدولة، وهذا حق وليست منحة، فتقييمهم على النحو المجزي بعض من سيادة الدولة، واسباب استمرارها قوية وشامخة وابية على الغزاة والمتمردين واصحاب الاجندات والمؤامرات الخبيثة..
بعض الذى قوى شوكة المتمرد حميدتي واغرى بعض ضعاف النفوس ان الفارق بين ما كان يمنحه لجنده ومرتزقته لم يكن يقارن بما يتلقاه منسوبو القوات الامنية فى السودان ومن بينهم افراد الجيش الذين لم تستطع الدولة حتى تدريبهم فى ظل الميزانيات الفقيرة، ناهيك عن فوارق الاعداد والتأهيل والتسليح.
نتمنى ان تنشط الدولة وقائدها العام فى ترتيب اوضاع افراد الجيش على النحو الذى يستحقه منسوبو هذه المؤسسة التى ستتضاعف مسؤولياتها مستقبلا ، لابد ان تكون شروط خدمتها مجزية ، قبل ان تكون مغرية، فالتحدي الامنى فى السودان سيكون ماثلا لعقود..
المطلوب ان تكون مرتبات افراد الجيش هي الاعلى، واوضاعهم الافضل لان ما يقومون به من ادوار تستحق انصافهم، على الدولة تبني علاجهم وسكنهم وتوفير مقومات معيشتهم باسعار رمزية، وتمييزهم بما يجعل من تلقيهم للخدمات والعلاج واستغلالهم للمركبات العامة امرا ميسورا يتناسب مع عظم التضحيات الوطنية التى يقدمونها بحكم امتهانهم للموت فى اشرف مواقع العطاء القوات المسلحة..
ومع قرارات الدولة المنصفة للعسكريين ، ننتظر ان ينشط الجيش وعبر شركاته فى تحسين اوضاع منسوبيه، وفى الخاطر تجارب عديدة لدول تهتم بقواتها المسلحة عبر تكثيف وتنشيط الانشطة الاستثمارية التى تحسن الاوضاع المعيشية لمنسوبي قواتها المسلحة…
اكرموا جيشكم..
وانصفوا افراده بما يليق وتضحياتهم العظيمة.. فان اوضاعهم مزرية واحوالهم المادية متردية..شكر الجيش نريده (بيان بالعمل) وبالأفعال لا الأقوال…