
أخيراً… والحمد لله.. حسم سعادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن.. رئيس مجلس السيادة الانتقالي.. الجدل حول تعيين رئيس وزراء بصلاحيات كاملة للمرحلة الحالية.. حيث انتخب المجلس الدكتور كامل الطيب ادريس.. وهي خطوة، وان تأخرت، تتماشى تماماً مع ما ظللنا ننادي به حتى قبل أيام قليلة من كتابة هذا السطور، لذلك نشد على يد الجنرال ونطالبه بأن يمضي إلى الامام مخالفا لكل الأصوات التي ارتفعت لتمثل (إدارة دعم القرار) وهي غير ذلك.. ولا تمتلك هذه الصفة.
وجد تعيين الدكتور كامل معارضة شديدة في العالم الاسفيري الافتراضي، وتبنى بعض الإسلاميين قيادة اتجاهات الرأي العام وهذه محمدة كبيرة، ولكننا نقول إن هذه المعارضة لا تسندها أدنى موضوعية طالما أن القرار صدر بالفعل ليصحح وضعا شائهاً استمر لأكثر من ثلاث سنوات غابت فيها مؤسسات الدولة التي استعانت بأعضاء المجلس السيادي، بوضع اليد، اشرافا على الوزارات لتغييب الوزراء وبقية الهياكل، حتى حسبنا أن الجنرال البرهان يريد استمرار هذا الوضع المتماهي مع الفوضى وحالة اللا دولة.. ولكن ان تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي.
أعود وأقول إن تعيين رئيس وزراء بصلاحيات كاملة في هذه الفترة العصيبة من تاريخ السودان.. يعني أن السيد رئيس الوزراء سوف يقوم باختيار الفريق الذي ينسجم معه في العمل وتنفيذ البرنامج الموضوع والمتفق عليه.. الدكتور كامل اختير بعد دراسة برنامجه المجدول بمدد زمنية واضحة.. وربما أو مؤكد أن يكون برنامجه هذا.. قد خضع لدراسة متأنية تراعي الظروف الآنية التي تعيشها البلد التي غابت عنها المؤسسات.. ولعل من إيجابيات تعيين رئيس مجلس وزراء هو فك الارتباط (الاستهبالي) ما بين مجلس السيادة والجهاز التنفيذي ممثلا في مجلس الوزراء.
عندما نتحدث عن غياب المؤسسات.. بالتأكيد نريد أن نعمق لفكرة أن الرئيس الجديد قد تم تعيينه اثر (طبخة) محكمة ومحددة ينبغي أن تجنب الجنرال شر السؤال، وطالما نحن لا نملك مؤسسات فاعلة وحقيقية بالتأكيد ليس لدينا إدارة منوطا بها عملية دعم القرار.. اكبر من ان البرهان قد وضع الحصان أمام العربة وترك التجربة بأكملها للأيام..
مهما اجتهد أعضاء نادي (القروبات الواتسابية) في تبخيس القرار فإن الواقع يوحي بغير ذلك.. خاصة وأن أكثر المتشائمين من القادم الجديد.. هم بعض الإسلاميين المتواجدين على رصيف الأحداث.. وهم ربما نسيوا أنهم بقايا وبغايا دولة قد تم التسجيل في قوونها بأنها أتت بأحد الحشاشين المعروفين رئيسا لمجلس الوزراء…
ختاما اقول انه ليس في السودان قدوة للحكم الراشد، ولا مثالا يحتذى في المؤسسية والمفوهمية.. ليست هنالك محجة بيضاء، لذلك علينا أن نلم الدور وان نحكم على القادم الجديد لدهاليز الحكومة السودانية (العدم) من خلال البرنامج الذي ينبغي أن يُنفذ.. بدلاً عن البقاء طويلا في رصيف شخصنة القضايا العامة والعرضة خارج الدارة.. الإسلاميون ليسوا قدوة في شيء لذلك عليهم أن (ينطموا).