
كتب- محلل العمليات العسكرية- محمد دي تروه قائلا.. ظهرت بصمات إماراتية جديدة في مجلس الامن هذه المرة عبر مشروع حظر أسلحة على كردفان، عقب الانتصار الكبير للجيش السوداني في معركة بارا. ما بدا ظاهريًا أنه مبادرة “إنسانية” سرعان ما تكشّف كجزء من عملية إنقاذ سياسية واستخباراتية لمليشيات الجنجويد التي تلقت ضربة ساحقة في الأيام الماضية.
مصادر مسربة من داخل بعثة دولة إفريقية عضو في المجلس تحدثت لموقع African Security Digest عن لقاءات جانبية جمعت السفير الإماراتي لدى الأمم المتحدة، المعروف بالاسم الرمزي “المايسترو”، مع مندوبين من دول أوروبية صغيرة مثل لوكسمبورغ ومالطا. الوثائق تشير إلى أن “المايسترو” عرض تسهيلات اقتصادية وصفقات في مجال الطاقة مقابل تمرير مسودة قرار يفرض حظرًا جزئيًا على تدفق السلاح إلى السودان.
موقع Leaked Diplomatic Cables – Africa Desk نشر مقتطفات من بريد داخلي يعود لدبلوماسي أوروبي، يفضح فيه أن المذكرة الإماراتية تتضمن بندًا غير معلن يقترح إنشاء “آلية مراقبة دولية” في غرب السودان. خلف هذا العنوان المراوغ، يخطط الإماراتيون لإرسال خبراء عسكريين بغطاء أممي، يوفّرون المعلومات الاستخباراتية الدقيقة لحلفائهم من الجنجويد.
في واشنطن، تحركت أذرع الإمارات الإعلامية والفكرية بسرعة. مركز أبحاث يدعى Emirates Policy Group وزع ورقة بعنوان “عسكرة كردفان وتهديد الأمن الإقليمي”، صيغت على يد شخصية تعرف في الأوساط الاستخبارية باسم “الكاتب الشبح”. الوثيقة قُدمت سرًا إلى مكاتب أعضاء بارزين في الكونغرس، في محاولة لتصنيع رأي عام سياسي يضغط على الإدارة الأمريكية لدعم مقترح الحظر.
أما على الأرض، فقد رُصدت آثار هذه التحركات بوضوح. تقرير داخلي لموقع Sudan Intel Files أكد أن أجهزة اتصالات حديثة وصلت مؤخرًا إلى أيدي المليشيات في دارفور ، عبر طرق تهريب مرتبطة بشبكة تديرها شركة اسلحة مقرها ابو ظبي هذه الأجهزة تهدف الي التنسيق الميداني بعد الخسائر الفادحة التي تكبدوها في بارا.
المحصلة أن الإمارات لا تتحرك في فراغ. هي توظف أدواتها السياسية داخل مجلس الأمن، وأذرعها البحثية في واشنطن، وشبكاتها اللوجستية في الميدان، في عملية مركبة تستهدف إعادة التوازن لصالح مليشياتها الإرهابية. ما يُسوَّق اليوم كـ “حماية للمدنيين” ليس سوى غطاء رقيق لتمديد عمر الفوضى في السودان.. مشروع القرار تم اجهاضه عبر الفيتو الروسي امس.