مقالات الرأى

الفريق اول ركن محمد بشير سليمان يكتب.. القوات التي تقاتل في حرب الكرامة .. رؤية مستقبلية (3)

بدءا تأتي هذه الحلقة لتمثل المرحلة التمهيدية لتنفيذ البروتوكولات الامنية في ظل اتفاقية جوبا للسلام وبما يمهد ويهئ الذهنية لما سيأتي لاحقا عند مرحلتي بيان التحديات التي تواجه التنفيذ الحقيقي للاتفاقية بروتوكولاتها ، وتحليل الاتفاقية في ظل ظرف حرب الكرامة القائمة الآن، وعطفا على سابق حديثي عن ضرورة مراجعة اتفاقية جوبا للسلام من اجل تحقيق العدالة الوطنية الشاملة على مستوى الدولة السودانية، وذلك ما يتطلب ان يكون هذا الامر مدعوما بالرؤية الوطنية المجردة من قبل قادة حركات الكفاح المسلح ، وبما ينعكس ايجابا لصالح الأمن القومي السوداني ويضعف ان لم يوقف التفكير لإنشاء حركات وقوات مسلحة مناطقية أخرى من قبل أي جهة يراودها أو يساورها هذا الرأي من اجل تحقيق اهداف سياسية او غيرها ، بل وليؤدي في ذات الوقت لمعالجات سياسية واقتصادية واجتماعية تتبناها القوات التي تقاتل الان في حرب الكرامة ، وكم يكون جميلا ان يعقد مؤتمرا لهذه القوات وحركات الكفاح المسلح لبحث كافة الشئون التي تتعلق بهذه القوات واسباب تكوينها على ان تتم في إطار المفاهيم القائمة على مبدأ الوحدة الوطنية ، ومطلوبات دولة المواطنة القائمة على التوزيع العادل للسلطة والثروة ، والمربوط بالتوازن التنموي من أجل بناء وطن قائم على السلام والاستقرار والمسنود بمبدأ تجاوزا لكافة مهددات وتحديات الأمن القومي في كافة المجالات تحقيقا للتنمية الوطنية والحداثة ، بل كم يكون أجمل اذا تطور هذا الاجتماع ليشمل كل المكونات الوطنية شمولا للثلاثة عشر “13” من دارفور والتي لم توافق على اتفاقية سلام جوبا، لتحقيق وحدة وطنية حقيقية مدعومة بكافة اهل السودان .

مع كل ما تمت الإشارة اليه أعلاه كأمنية بل هدف وطني استراتيجي الا ان ذلك لا يجوز أن يؤجل أو يبطئ ضرورة العمل الجاد والصادق مهما كان لإنفاذ اتفاقية جوبا للسلام كاتفاقية سياسية يتم في اطارها تنفيذ البروتوكولات الامنية وفق تخطيط شامل (تكوين مجموعة خطط لكافة المجالات ذات العلاقة باتفاقية سلام جوبا وبروتوكولاتها الامنية) يتم اعدادها في الفترة الحالية وبمشاركة حركات الكفاح المسلح والقوات الاخرى التي تقاتل في حرب الكرامة ووفق الاتي :-

خطة قراءة الواقع الامني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي الوطني مقرونا بتداعيات حرب الكرامة ومطلوبات الحفاظ على الأمن القومي احتواء لمهدداته وتحدياته .

خطة تعريف المقاتلين والمجتمع في الأقاليم / المناطق التي تتكون منها وقاتلت فيها قوات الحركات المسلحة الدولة المركزية بفحوى اتفاقية سلام جوبا ، والبروتوكولات الامنية الملحقة بها وفق مفهوم وطني جامع يقوم على بناء ذهنية وعقلية وطنية جديدة تتجاوز احتقان الماضي البغيض وتاثيراته السالبة في المجتمع الذي تمت تغذيته عقلا وقلبا بالاسباب التي كانت تحرض بها الحركات المسلحة وتعبئ مقاتليها للقتال كقضايا التهميش والظلم التنموي وعدم العدالة مساواة في السلطة والثروة ، وصولا حتى مراحل بث المفاهيم العنصرية والجهوية ، وبما جعل روح الكراهية تسود قلوب المقاتلين ومجتمعاتهم تجاه الدولة الوطنية كمؤسسة جامعة وحاكمة ، وايضا بعض المكونات الوطنية الاخرى ، وصولا لان يصبح الصدع بها واقعا لا يمكن نكرانه ، وذلك من خلال ما انتجته الاتفاقية تحقيقا للمطلوبات ، وبما يؤدي لإنهاء كافة العوامل التي اعتبرت سببا في ان يكون اللجوء للسلاح يمثل الطريق الوحيد للوصول إلى السلطة تحقيقا للاهداف بكافة انواعها ، وليبنى على نقيض هذا وحدة وطنية حقيقية قائمة على مفاهيم المواطنة الحقة ، وفي ذلك ما يدعم السلام والاستقرار توافقا ثم تخطيطا شاملا في ظل العدالة والشفافية بناء للسودان الجديد والحديث والقوي بشعبه ، وفي هذا دون شك تأتي القناعات الوطنية للمقاتلين ومجتمعهم تصحيحا في المعتقد والمفاهيم ، وعند تحقيق هذا سوف يوجه السلاح تكاملا مع القوات المسلحة القوميةضد اعداء السودان كما هو حادث الان في حرب الكرامة من اجل الحفاظ على الأمن القومي والسيادة الوطنية . لتحقيق ماسبق ذكره لابد من ان تشمل خطة التعبئة الذهنية أيضا التاريخ الوطني للدولة السودانية والذي لعبت فيه الأقاليم “دارفور والنيل الازرق” اكبر واعظم الأدوار التاريخية ، والتركيز على ما سيتم فيهما من تحول استراتيجي على المستوى التنموي من خلال تنفيذ مخرجات اتفاقية جوبا للسلام ، وذلك ما مفترض ان يقوم به تبصيرا وتعريفا وتصحيحا للمفاهيم الخاطئة قادة الحركات المسلحة بمختلف مستوياتهم وبمشاركة قادة الدولة السودانية وقادة وضباط القوات المسلحة والشرطة وجهاز المخابرات ، ومراكز ومعاهد السلام بالجامعات السودانية وتمثل في هذا ايضا الشخصيات الاهلية والاعتبارية وقادة المجتمعات خاصة التي كانت مؤيدة وداعمة للحركات المسلحة ادوارا تعريفية وتحويلية في العقول والاذهان ، هذا مع وضع خطة اعلامية ذات بعد استراتيجي تنفذ عبر كافة وسائل الاعلام والاتصال والمعلومات يؤطر فيها لتغيير المفاهيم المجتمعية الخاطئة التي تغذت بها اذهان المواطنين والمقاتلين المستهدفين من الذين يناصرون الحركات المسلحة واي قوات خارج القوات المسلحة والنظامية الأخرى ، ليتحول كل ذلك إلى رؤى محتمعية إيجابية تقوي استيعاب المستهدفين من مجتمع حركات الكفاح المسلح ومقاتليها والقوات الاخرى ايجابا نحو أهداف القتال الجديدة وقوفا واسنادا لدولة السودان وبما يؤدي لتحقيق نجاح الاتفاقية والبرونوكولات الامنية من منظور وطني قومي يبنى عليه السودان الجديد . كما وبالضرورة ان يستمر نهج هذه الخطة في ابعاده السياسية والاجتماعية والامنية والعسكرية وبمنطلقات وحدوية قومية بين مقاتلي هذه الحركات وبذات الاشخاص الذين سبق ذكرهم في إطار تنفيذ هذه الخطة التعريفية في كافة مراحل تنفيذ البروتوكولات الامنية وبما يحقق التحولات العقلية والذهنية المطلوبة تقوية لمفهوم القومية التي يعمل وفقها الجيش الوطني تجاوزا للمناطقية أو الاقليم وتعضيدا لشعار “برا وجوا وبحرا” . عملا في اي بقعة من الوطن السودان دون تردد .

مرحلة التجميع والاحصاء والفرز ، وتمثل البداية الحقيقية لتنفيذ البروتوكولات الامنية لحركات الكفاح المسلح ، ولا ضير ان تم اعتبار أو ادراج القوات الاخرى في هذه ، باعتبارها فترة العمل الحقيقي لتنفيذ مرحلة الدمج والتي تحتاج بدءا ومع وجود القيادات العليا التي تتكون من قادة الدولة والحركات المسلحة المنسوبين للجان المشتركة ، ومجموعات التنفيذ المؤهلة من القوات المسلحة والشرطة والأمن وذات الاستيعاب للأهمية الوطنية للتنفيذ المثالي لهذه الفترة بحسب ما تم لها من تدريب وتهيئة تعريفا بواجباتها المطلوبة في إطار تحقيق الاهداف الوطنية من خلال ادارتهم لهذه الفترة تكاملا مع ما يتم التبصير به من القيادات المشتركة للمقاتلين ، هذا مع مراعاة أهمية تأهيل البيئة التي يتم فيها استقبال هؤلاء المقاتلين . كما تتمثل أهمية هذه المرحلة وخطورتها في انها فترة بداية التحول الذهني والعقلي للمقاتلين وبما يؤدي ايجابا لبداية تحول قناعاتهم نحو مفاهيم وطنية جديدة تعضد مبادئ الوحدة الوطنية والمواطنة الحقة تجردا ونكران ذات يتم به تجاوز الاطروحات والمفاهيم التي كانت تحفزهم للقتال ضد الدولة المركزية القومية وفقا لما انتجته اتفاقية جوبا للسلام من تحقيق للاهداف والمطالب التي كانوا يقاتلون من اجلها . من المعلوم ان هذه الفترة تعني عملية الفرز لمنسوبي هذه القوات تصنيفا لهم مابين من ينسب للقوات المسلحة ومن يتم تنسيبه للقوات النظامية الاخرى وفقا لشروط الاستيعاب لكل مؤسسة من حيث الفحص الطبي واللياقة الجسمانية والتعليم وغيره ومن يتم تحويله لمفوضية التسريح والدمج ال “DDR” ، وذلك ما قد يجد اعتراضا وعدم قبول من البعض ، وهنا مربط الفرس حيث لابد من تدابير وخطوات وإجراءات مسبقة كما ذكرت سابقا تقع مسؤوليتها على اللجنة العليا المشتركة ولجانها الادنى تتمثل في برنامج سياسي ، معنوي ، ثقافي يتم التأكيد فيه على ان بناء الوطن وتحقيق الأهداف يمكن ان يتم في أي موقع يكلف فيه الشخص بأداء أي مهمة كما التكليف بالواجب القتالي عند الحرب ، وذلك ما يتطلب ادراكا وطنيا قناعة با الانتشار الوظيفي في كل مرافق الدولة على مستوى الأقاليم والمركز ووفق ما حددت الاتفاقية وبرونوكولاتها الامنية وبما يبني الوحدة الوطنية الشاملة وفق رؤى ومنهج دولة المواطنة العادلة في تقسيم السلطة والثروة ، مع تأسيس حكم اقليمي تتم إدارته بذات المفهوم ، لذا وبترسيخ هذه المفاهيم تتم التهيئة للمرحلة الثانية التي يتم فيهاتحديد عدد المنسبين للقوات المسلحة وغيرها حسب معايير الاستيعاب التي يتم تحديدها لبناء مؤسسات قومية ، تحديد حجم القوات المسلحة المطلوب اعداده وفقا لمهددان الامن القومي ، واعتبارات تكوين الجيش الاخرى ، وقوات الشرطة والامن ، لتبدا مرحلة التدريب والتطعيم المعنوي والتحصين مع التعريف بالواجبات في الإطار القومي عبر الالمام بمهدداته وتحديات حيث تبرز اهمية التغذية الذهنية الايجابية وغيرها من اجراءات وبحسب ما أشارت إليه البروتوكولات الامنية وفق مناهج عسكرية ترتقي بالقدرات بيانا للأدوار المستقبلية ، استعدادا لمجابهة مهددات وتحديات الأمن القومي الداخلية والاقليمية والدولية ، مع القاءات السياسية التعريفية والتوضيح بشأن المرحلة القادمة ، تكاملا مع اهداف مناهج التدريب العسكري والبرامج المعنوية التي تؤسس للقومية بعيدا عن الولاء للحركة او الجهة التي كان المقاتلون يقاتلون ، وبما يؤدي لتحقيق الاهداف الوطنية الجامعة ، ومن هنا تبدأ مرحلة إنهاء الولاء لقيادة الحركة أو الجهة التي كان الانتساب إليها حيث أن ذلك يمثل تأثير سالبا على الوحدة السودانية من عدم وحدة القيادة .

من بعد الذي تم الحديث عنه في هذه الحلقة ، نذهب إلى الحلقة الرابعة حيث نبين ماهية التحديات التي تواجه اتفاقية جوبا للسلام من بعد حرب الكرامة توضيحا لحالها من بعد التغييرات الدراماتيكية غير اامحسوبة التي انتجتها حرب الكرامة ، ولنحدد ما هو مطلوب من رؤى في هذا الشأن تخطيطا مبكرا للمعالجة والتطبيق تفاديا لأي عقبات تؤثر على المسار الوطني وتهدد الأمن القومي ، حيث الخشية من “القنابل الموقوته” وحفظ الله السودان

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى