
تقرير : ضياءالدين سليمان
تستمر المواجهات المسلحة والمعارك العنيفة في مدينة الفاشر شمال دارفور غربي السودان والمناطق المحيطة بها، حيث تشتد الاشتباكات بين جيش البلاد وحامي عرينها وحلفائه من جهة، ومليشيا الدعم السريع من جهة أخرى، مما يزيد من سوء الأوضاع الإنسانية في المنطقة.
ورغم ذلك، لا يزال الجيش وحلفاؤه يسيطرون بقوة على المواقع الحيوية في مدن الفاشر التاريخية وبعض المناطق المحيطة بها، محققين تقدمًا يوميًا على مختلف الجبهات.
واكدت مصادر عسكرية إن القوات المسلحة والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية، تمكنت من التصدي لهجوم عنيف على المدينة التي كان عبدالرحيم دقلو ينتظر على بعد كيلومترات قليلة خبر سقوط الفاشر يد مليشيته الا ان قوات الجيش تمكنت من إحباط المخطط وصد الهجوم الأمر الذي سيحدث تحولاً ميدانياً في مسار المعركة الكلية.
هجوم عنيف
وكشفت مصادر عسكرية بأن مدينة الفاشر شهدت امس الأول الاثنين معارك وصفت بالاعنف منذ فترة طويلة حيث حشد الدعم السريع عدد ضخم من القوات التي كان يعمل على تدريبها في معسكرات بولايات دارفور أبرزها معسكر في جامعة نيالا ودومايا؛ وكان يخطط لإسقاط المدينة في سباق مع الزمن في ظل ارهصات الدعوات لوقف إطلاق النار.
وبحسب المصادر فإن قوات الجيش والقوات المشتركة وكتائب المقاومة الشعبية خاضوا امس الثلاثاء ملحمة بطولية مشتركة، حيث نفذوا عملية نوعية استهدفت تمركزات المليشيا في عدد من الأحياء فيما تصدوا لهجمات متتالية من الدعم السريع عبر عدد من المحاور، مصحوبة بقصف مدفعي كثيف منذ الصباح.
وأضافت المصادر بأن الأبطال قاتلوا بشجاعة لا تضاهى دفاعًا عن أهلهم ومدينتهم، مكبدين العدو خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وأفشلوا جميع مخططاته لإسقاط المدينة.
خسائر بالجملة
قالت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، إن القوات المسلحة والقوة المساندة شنّت هجومًا مباغتًا على مواقع العدو التي تمركزت فيها ليلة الأمس بالمدينة، في معركة ضارية استمرت لساعات بمدينة الفاشر عاصمة ولاية دارفور.
وكشف مبارك حمدون جمعة رئيس لجنة فزع والاتصال بالقوة المشتركة، أن القوات تمكنت من تدمير أكثر من 47 عربة معادية، الاستيلاء على 39 عربة مصفحة وغير مصفحة، القضاء على أكثر من 421 من عناصر المليشيات الإرهابية والاستيلاء على كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة المتنوعة.
ونوه إلى أن أبطال القوات المسلحة جسدوا في هذه الملحمة البطولية أسمى معاني الشجاعة والفداء، مقدمين أرواحهم رخيصة في سبيل الوطن.
إلى ذلك قالت مراسل حربي رقيب أول آسيا الخليفة قبلة، في بيان إن الهجمات الفاشلة للمليشيا المتمردة على مدينة الفاشر والهزائم النكراء بميدان “شنب الأسد” تثمر هجمة مرتدة تفقد المليشيا صوابها في محاور أرض الصمود.
ونوهت إلى أن المليشيا كثّفت يوم الإثنين 15 سبتمبر2025 هجماتها وقصفها المدفعي المكثف على مواطني مدينة الفاشر، ظنّاً خائباً منها أنها ستنتصر على المبادئ وعلى الجيش الوطني لكنها تجرعت مرارةً لم تتذوقها في كل هزائمها السابقة.
وأكدت أن المليشيا حاولت في نفس اليوم التسلل ليلاً لإخلاء الجرحى والهلكى من ميادين الصمود، لكنها فشلت وتم سحق القوة المتسللة وتكفلت القوات المسلحة بدفن الهلكى طبقا للدين والعقيدة القتالية للقوات المسلحة.
وقالت إنه في فجر اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر ، نفذت القوات المسلحة عملاً عسكرياً مباغتاً شاركت فيه القوات المسلحة والقوة المشتركة وقوات العمل الخاص وقوة حماية المدنيين في داخل أوكارها وارتكازاتها استمرت ثلاثة ساعات تكبد خلالها العدو خسائر فادحة في العتاد والأرواح، واستلمت عدد ثلاثة عربات مصفحة بكامل عتادها الحربي، وكمية كبيرة من الوقود، إضافة إلى تدمير عربات قتالية ، وتطهير الموقع دون تسجيل أي خسائر في صفوف قواتكم المسلحة.
مقتل قادة ميدانيين
وكشفت مصادر عسكرية بأن معارك الفاشر شهدت مقتل قائد متحرك “عهدنا مع الشهداء”، التابع للمليشيا علي حامد مطر،
ويُعد القتيل من أبرز القيادات التي دفعت بها المليشيا في المعارك الأخيرة. وقد عرف عنه تنقله المستمر بين محاور القتال، وتعرضه لإصابات متكررة خلال الاشتباكات إثر إصابته بشظايا قذائف في عدة مواجهات سابقة.
و ينتمي مطر إلى المجموعتين 131 و 137، وكان له دور كبير في تعبئة واستنفار عناصر من أبناء منطقته للمشاركة في القتال، خاصة في مناطق: فوربرنقا، سريف جلو، أم لبّاسة، عد الفرسان، ونيالا، بحسب مصادر مطلعة ويُعد مقتله ضربة ميدانية للمليشيا المتمردة
فيما قُتل العميد سالم صالح عيسى، قائد عمليات مليشيا الدعم السريع في محور الفاشر بعد أن نفذت قوات الجيش عملية نوعية استهدفت القوة التي كان يقودها سالم صالح ما أسفر عن مقتله وعدد من عناصره.
وأضافت المصادر أن مليشيا الدعم السريع تعرضت لارتباك واسع عقب مقتل سالم، مما أدى إلى تفكك التشكيلات التي كانت تحت قيادته، وانسحاب بعض المجموعات من مواقعها.
ويُعد العميد سالم صالح عيسى قباقي، من الأسرة المقربة لقائد التمرد حميدتي ( ابن خالته) ووالده صالح عيسي قباقي عمدة قبيلة الماهرية في الجنينة
و كان يقود المليشيا في محلية بحري بعد هلاك جدو قائد حراسات حميدتي السابق وقام بحرق جزء من مصفاة الجيلي انتقاماً لموته.
إنقسامات وخلافات
وأكدت مصادر ميدانية موثوقة بأن المليشيا أقدمت على اعتقال المقدم عباس كتر بخيت، قائد جهاز الاستخبارات التابع لها في شمال دارفور، وذلك بتهمة التواصل والتنسيق مع الجيش السوداني.
وبحسب المصادر فإن هذا الاعتقال إلى تفجّر خلافات حادة داخل صفوف الميليشيا، وسط اتهامات متبادلة بالولاء المزدوج والانتماءات العرقية المتباينة.
ويُعد عباس كتر من أبرز القيادات المنتمية لإثنية الزغاوة داخل الميليشيا، وهي مجموعة يُنظر إليها بريبة وشك من قِبل بعض عناصر الدعم السريع، خاصة في ظل تصاعد الشكوك حول ولاء بعض منسوبيها. وتشير المعلومات إلى أن هذه الحادثة تعكس تزايد التوترات الداخلية في صفوف الميليشيا، على خلفية الاتهامات المتكررة بالفشل العسكري في معركة الفاشر.
وقال أحد قيادات حركة تجمع قوى تحرير السودان بقيادة عبد الله يحيى، وبحسب (دافور الآن) إن المدعو عباس كتر بخيت كان من أوائل المنضمين إلى المليشيا وتمتع بنفوذ واسع داخل جهازها الاستخباراتي في شمال دارفور.
فيما تصاعدت نبرة الخطاب التحريضي داخل أروقة المليشيا ،بعد أن طالب الناشط الإعلامي بالمليشيا إدريس صوت الهامش، بإبعـاد منسوبي القبائل غير العربية وعلى رأسهم الزغاوة وحملهم مسؤولية الهزائم المتكررة التي مُني بها الدعم السريع في إقليم دارفور.
ظهور دقلو
وكشفت مصادر عن ظهور قائد ثاني مليشيا الدعم السريع عبدالرحيم دقلو؛ في معارك الفاشر كأول ظهور علني للرجل منذ الحديث عن أصابته مؤخراً.
ويقول الصحفي عزمي عبدالرزاق؛ إن عبد الرحيم دقلو ظهر اليوم في مقطع فيديو، بالقرب من الفاشر تقريباً أو في مكان ما، بهدف رفع الروح المعنوية المنهارة لبقايا قواته ولأنه لا يثق في أحد، استمر ظهوره لنحو عشر ثوانٍ فقط، ثم انحشر في سيارة مصفحة تحمل جهاز تشويش.
وأضاف “المهم الآن هو أن “عبد الرحيم دقلو”، بعد نجاته من ضربة طيران قرب نيالا، كان قد اختفى ثم عاود الظهور بعد ضغط من “كفيله” لمواصلة القتال، وهذا هدف ثمين، ويمكن للاستخبارات أن تحدد مكانه وتتعامل معه بأي عملية خاصة؛ لأنه حالياً القائد الفعلي لهذه الميليشيا والشخص الأكثر خطورة على حياة السودانيين.
فيما علق حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي على ظهور عبدالرحيم دقلو قائلاً : ما شاهده نائب قائد مليشيا الجنجويد، خلال اليوم من صمود وبطولة أبطال مدينة الفاشر المحاصرة، سيظل درساً يلقنه التاريخ لكل من تسول له نفسه المساس بأمن المواطنين العزل.
وأضاف مناوي لقد ارتجفت قلوبهم قبل أسلحتهم أمام صلابة رجالنا ونسائنا في الفاشر.. ألف تحية وتقدير لأبطالنا الصّـامدين، الذين يُقاتلون دفاعاً عن الأرض والعِـرض.