متابعات – اليوم نيوز – تشهد العلاقات بين السودان وروسيا تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، مع توجيه الجهود نحو تطبيع شامل في مختلف المجالات.
فقد تواصلت الاجتماعات والزيارات المتبادلة بين المسؤولين من كلا البلدين خلال الأشهر الأخيرة، بهدف التوصل إلى تفاهمات تعزز التعاون المشترك في الجوانب السياسية، الأمنية، والاقتصادية.
تأتي زيارة وفد البنك المركزي الروسي إلى مدينة بورتسودان كواحدة من هذه الخطوات المهمة، حيث أجرى الوفد محادثات مثمرة مع الجانب السوداني، ما يمهد الطريق لشراكات استراتيجية طويلة الأمد بين البلدين.
تفاهمات مصرفية لتعزيز العلاقات الاقتصادية
بحث وفد البنك المركزي الروسي مع نظيره السوداني سبل تطوير العلاقات المصرفية والمالية بين البلدين.
تمت مناقشة إمكانية تبني أحدث التقنيات المصرفية لرفع كفاءة الخدمات المالية، إلى جانب استكشاف فرص التعاون المشترك في مجالات جديدة.
كما تم بحث تسهيل إقامة علاقات مصرفية مراسلة بين البنوك السودانية والروسية، وفتح فروع للبنوك في كلا البلدين، مما يسهم في تعزيز التبادل التجاري وزيادة حجم الصادرات والواردات.
استخدام العملات الوطنية في التبادل التجاري
ركزت المباحثات بين الوفدين على إمكانية استخدام العملات الوطنية، الجنيه السوداني والروبل الروسي، في تسوية المعاملات التجارية بين البلدين.
هذا التوجه يهدف إلى تقليل الاعتماد على العملات الأجنبية في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها البلدان. ورغم بعض التحفظات حول تأثير هذه الخطوة على حل أزمة نقص العملات الأجنبية، إلا أنها تعكس جدية الطرفين في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري.
تعزيز الاستثمارات الروسية في قطاع المعادن السوداني
تعد روسيا شريكاً رئيسياً في قطاع المعادن بالسودان، وقد شكلت زيارة الوفد الروسي فرصة لمناقشة سبل تعزيز الاستثمارات الروسية في هذا القطاع الحيوي.
ناقش الجانبان دور القطاع المصرفي في تمويل مشاريع التعدين المشتركة، لا سيما في مجال الذهب. كما أكد الطرفان على أهمية استمرار التعاون لتحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين.
التحولات العالمية وانعكاساتها على العلاقات السودانية الروسية
المزيد من المشاركات
أوضح السفير د. علي يوسف الشريف، سفير السودان الأسبق لدى الصين والاتحاد الأوروبي، أن التغيرات العالمية الحالية تشير إلى بروز نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.
في ظل الضغوط الأمريكية على السودان، يعتبر توثيق العلاقات مع روسيا خطوة استراتيجية طبيعية، خاصة في ضوء الدعم العسكري والسياسي الذي تقدمه موسكو للخرطوم.
انعكاسات إيجابية لاستخدام العملات المحلية في التجارة الدولية
يرى السفير علي يوسف أن اعتماد العملات المحلية في التبادل التجاري بين السودان وروسيا يمثل تحولاً مهماً في الاقتصاد الدولي.
وقد استشهد بالتجربة الصينية في استخدام اليوان في المعاملات التجارية كبديل عن الدولار. هذا التوجه يعزز الاستقلال الاقتصادي للسودان، ويتيح فرصاً أكبر للتعاون مع دول مثل الصين والهند.
فوائد التعاون السوداني الروسي في مجالات الزراعة والبنية التحتية
على الرغم من أن حجم التبادل التجاري الحالي بين السودان وروسيا لا يتجاوز 500 مليون دولار، يرى المحلل الاقتصادي د. هيثم فتحي أن السودان يمكنه الاستفادة من الخبرات الروسية في مجالات حيوية مثل الزراعة، الثروة الحيوانية، التعدين، والبنية التحتية.
وأشار إلى أن روسيا تمتلك خبرات واسعة في زراعة القمح، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الزراعي بين البلدين.
معالجة معوقات الاستثمار الروسي في السودان
توقع د. هيثم فتحي أن تسهم زيارة الوفد الروسي في إزالة العقبات التي تعيق الاستثمارات الروسية في السودان.
ورغم أن استخدام الروبل قد لا يحل أزمة نقص الدولار بشكل كامل، إلا أنه سيسهل عمليات التبادل التجاري بين البلدين، مما قد يكون له تأثير إيجابي على توافر العملات الأجنبية على المدى الطويل.
خاتمة: تعزيز الشراكات الاستراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة
في الختام، تمثل زيارة وفد البنك المركزي الروسي إلى السودان خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
من المتوقع أن تفتح هذه الزيارة الباب أمام مزيد من الشراكات الاستراتيجية التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار المالي في كلا البلدين.