مقالات الرأى

ايمن كبوش يكتب … هذا لا يحدث إلا في السودان.. !

تحت العنوان اعلاه نحاول، مجرد محاولة، رصد حركة التعيينات والاعفاءات التي اجراها رأس الدولة السودانية في شغل المناصب العليا طوال في فترة ما بعد إسقاط حكومة نظام الرئيس السابق (المشير عمر البشير).. وهي حركة غير معتادة ولا تنم إلا عن عشوائية وعدم استقرار سياسي، وهذا بالذات يتبعه ما يتبعه من عدم استقرار اقتصادي ثم أمني على حد السواء.. يعتمد الرصد على بعض الحقائب ذات الأهمية العالية، سواء في وزارات القطاع السيادي أو الاقتصادي، لن نتطرق للقطاع الخدمي لانه أصبح قطاعا مهملاً لدرجة التلاشي، بدليل ان آخر حكومة سودانية تم إعلانها، غاب عنها وزير (صحتها وعافية البلد) ثم دارت عجلة الزمان (يا ايدي.. شيليني) فعادت إلى الوراء بتعيين الوزير المكلف السابق الدكتور (هيثم).. هذا لا يحدث إلا في السودان الذي يحتفي هذه الأيام بجندرة مبهجة مردها تعيين (اول امرأة) كمحافظ لبنك السودان المركزي.. بحجم هذا الاحتفاء (يحتلم) البعض بأن ازمتنا الاقتصادية المستحكمة سوف تصبح من الماضي.. مع أن حكاية (اول امرأة) تعمل في قطاع المرور واول إمرأة تحصل على رخصة قيادة واول إمرأة تصل الى رتبة الفريق واول الدفعة واول الشهادة السودانية والأول في مضمار العاب القوى، مجرد حكايات منسية لا تنم عن التفوق في الذهنية السودانية.. لأن هذا التفوق لا يتبعه اي تغيير في الحياة العامة.. بدليل ان قصة (اول امرأة) في السودان تعتلي عرش البنك المركزي تكررت بالكربون إبان التغيير إلى الاسوأ في تاريخ البلد بتعيين (وزيرة خارجية)، اكتب هكذا مع أن الوظائف لا تؤنث كما يقال، ولكن تقول حيثيات (أول حكومة) برئاسة حمدوك إن السفيرة (أسماء محمد عبد الله) أحالها نظام الرئيس المعزول عمر البشير للصالح العام بعد أشهر من انقلاب يونيو 1989 وهي أول سيدة تلتحق بوزارة الخارجية السودانية عام 1971 وأول وزيرة خارجية للسودان حسب المصادر.. ومن المفارقات أن هذه السيرة مشابهة تماما لزفة تقديم محافظ البنك المركزي التي تم الاحتفاء بفصلها سابقاً بواسطة لجنة ازالة التمكين.. وعلى ذكر الخارجية ولاحقا البنك المركزي، نقول انه في أعقاب التغيير في أبريل من العام 2019 تعاقب على الوزارة (8) وزراء وهم: اسماء محمد عبد الله ومريم الصادق المهدي وعمر قمر الدين وعلي الصادق وعلي يوسف احمد الشريف وعمر صديق وحسين الامين الفاضل ومحيي الدين سالم الوزير الحالي.. أما وزارة الداخلية فقد تولى حقيبتها كل من: الطريفي ادريس دفع الله وعز الدين الشيخ المنصور وعنان حامد عمر وخليل باشا سايرين وبابكر سمرة مصطفى.. أما قيادة الشرطة فقد كان حالها مشابها لوزارة الخارجية بعدد (7) من المديرين العامين وهم: بابكر احمد الحسين عادل بشاير وعز الدين الشيخ وخالد مهدي وعنان حامد وخالد حسان محيي الدين وامير عبد المنعم.. لا يحدث هذا إلا في السودان.

أعود وأقول إن وزارة الدفاع كانت أحسن حالا في حركة التعديلات والاعفاءات، حيث عُين الراحل الفريق أول (جمال عمر) كأول وزير للدفاع بعد التغيير.. خلفه في المنصب الفريق (يس ابراهيم يس) الذي ظل في مقعده هذا طوال فترة الحرب ولم يترجل الا مؤخرا وكان البديل هو الفريق محاسب (حسن داوود كبرون).. بالمقابل شهد جهاز المخابرات العامة استقرارا مماثلا لوزارة الدفاع ينسجم تماما مع طبيعة عمله حيث تولى قيادته بعد التغيير الفريق أول ركن (ابوبكر دمبلاب) ثم خلفه الفريق أول (جمال عبد المجيد) ثم الفريق أول (أحمد إبراهيم مفضل) الذي مازال ممسكا على الجمر يجتاز الأعاصير.. كذلك كانت وزارة المالية هي الأوفر حظا بأقل عدد من الوزراء منذ التغيير ما بين (ابراهيم احمد البدوي) و(جبريل ابراهيم)، الاخير يعتبر الوزير الاطول عمرا في المقعد متفوقا على جميع الوزراء الذين نعلمهم.. حيث هناك وزراء كثر جاءوا إلى الوزارات المختلفة في صمت.. وغادروا بذات الطريق لذلك لن يذكرهم التاريخ.

نعود لبنك السودان المركزي لنقول إن عملية التغيير في قيادته ظلت سنة ماضية تؤكد فشل الدولة وفشل سياساتها التي لا تقود إلى حلول موضوعية لأن الخلل ليس في المحافظ.. ليس في حسين يحيى جنقول صاحب الولايتين ما بين البشير والبرهان.. ولا بدر الدين عبد الرحيم ولا محمد الفاتح زين العابدين ولا برعي الصديق علي وصولا إلى الدكتورة آمنة.. (اول امرأة).. ولن تكون الأخيرة في كشوف الاحلال والابدال.. إذن الحكاية ليست في الوزراء ومديري المصالح الحكومية المهمة.. الأزمة في من هو الذي يصنع هذا التغيير.. !

نخلص إلى أن الحالات أعلاه.. ليست مبعث اطمئنان لمستقبل الدولة السودانية.. هذه مجرد نماذج في مواقع تعد على أصابع اليد الواحدة.. فما بالكم ببقية المستخدمين في مشروع (روتيشن الفشل).. ومشروع التشليع الوطني الكبير..

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى